الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ عبد الباسط السنديوني الشافعي الأزهري المصري
هو جواد علم لا يكبو، وحسام فضل لا ينبو، قد سبق في ميدان التقدم أقرانه، واجتلى من سعد جده قرانه، وبذل فيما يعود نفعه الرغائب، وعمت فضائله الحاضر والغائب، لم يترك طريقاً من طرق الإسعاد إلا سلكه، ولا وجهاً من وجوه الاجتهاد إلا استدركه، وأرب على من سبقه من الكرماء الأوائل، وامتد صيت ثنائه في العشائر والقبائل.
قال الإمام الجبرتي: قد أجازه أكابر المحدثين، ولازم الشيخ محمد الدفري وبه تخرج في الفقه وغيره، وأنجب ودرس وأفاد وأفتى في حياة شيوخه، وكان حسن الإلقاء جيد الحافظة، يملي دروسه على ظهر قلبه، وحافظته عجيبة الاستحضار للفروع الفقهية والعقلية والنقلية، إلى أن قال: إنه كان قليل الورع عن بعض سفاسف الأمور، وبذلك قلت وجاهته بين نظرائه. توفي رحمه الله تعالى في أول جمادى الآخرة سنة إحدى ومائتين وألف وصلي عليه بالأزهر ودفن في تربة المجاورين.
الشيخ عبد الباقي أفندي الفاروقي بن سليمان العمري حفيد أبي الفضائل علي
المفتى الحنفي الموصلي عفي عنه
إمام خاض بحور الأدب أتم خوض، وتفنن في إجادة الأرب تفنن الأزهار في سرحة الروض، وخلا عن الأكفاء، وتعالى بدره عن الخفاء، وقلد جيد عصره، ووشح خود مصره، بمنثور لآل ومنظوم عقود تتزين بها تيجان الجمال، وتتحلى بها أبيات الكمال، فإنه السابق الذي لا يلحق، واللاحق الذي شمس إشراقه لا تمحق، ذو الفكرة الصافية، والمعرفة التامة الوافية، والكمالات المشهورة المعروفة، واللطافات الموصوفة.
ولقد أبدى من المحاسن وأبدع، وارتوى من حياض النباهة وتضلع، وسلك مسالك المعارف، وملك منها كل تليد وطارف، بعزم غير ذي كلال، وجد وجد به مكنون در الأفضال. وله الذهن الوقاد، والذكاء الذي أورده على الأدب أحسن إيراد، فمن نظمه الأنيق، وشعره الفائق الرقيق، قوله مادحاً سيدنا علي وأهل البيت ذوي المقام الجلي:
هذا الكتاب المنتقى والمجتبى
…
في نعت آل البيت أصحاب العبا
بالقلم الأعلى بيمنى قدرة
…
في لوح عزة بنور كتبا
لاح به فرق العلا متوجاً
…
مرصعاً مكللاً مذهبا
وكمها مطرزاً مدبجاً
…
وعقدها منقحاً مهذبا
فرق معناه وراق لفظه
…
يحكى صفا الودق إذا ما انسكبا
ثنا إذا أنشدته له ثنى ال
…
وجود عطفاً وتهادى طربا
وهي طويلة بديعة الكلام، رفيعة السبك والنظام. ومن شعره الجليل، حينما زار سيدنا إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم قوله:
زر مقاماً معظماً واتل فيه
…
بعض آي من معظم التنزيل
وادخل الباب حاسر الطرف حاف
…
إنه باب حطة للدخيل
وأنخ للرجا به يعملات
…
موقرات بحمل وزر ثقيل
وتذلل واخضع ولذ وتوسل
…
وأقل منه تحت ظل ظليل
والثم الباب بالشفاه ورصع
…
أرضع في فرائد التقبيل
وانثر الدمع من شؤون عيون
…
مثل نثر الجمان من إكليل
وتبرد واقصد سبيل ارتواء
…
فعلى ابن السبيل قصد السبيل
تجد النار تشبه الماء برداً
…
وسلاماً يطفي غليل العليل
وعليه الآثار من منجنيق
…
تتراءى للعين من بعد ميل
والمياه التي تسيل فيوضا
…
وانبعاث النسيم من سلسبيل
شهدت أنه المقام الذي قد
…
كان قدماً به مقام الخليل
وبه مهده الذي قد تجلت
…
فوقه هيبة المليك الجليل
فعليه من ربه صلوات
…
وسلام نهديه في منديل
نسجته أيدي الملائك من رقة غزل التكبير والتهليل
ما تلا الفاروقي يا نار كوني
…
بلسان التجويد والترتيل
وقال رحمه الله تعالى: قد كثر تهافت فراش مصاقع الفرقتين، على مصباح مشكوة كل بيت من هذين البيتين النيرين، على تشطيرهما وتخميسهما في نعت آل بيت سيد الثقلين، فأحببت الاقتداء بالجماعة، مع ما أنا عليه من قلة البضاعة، فشطرتهما مرة وخمستهما مرتين؛ فها هما يسطعان كالفرقدين:
يا آل من ملأ الجهات مفاخراً
…
وأتى بكم للكائنات مظاهرا
وهم الذي لكم يعد نظائراً
…
إن الوجود وإن تعدد ظاهرا
وحياتكم ما فيه إلا أنتم
أو ما درى إذ راح يعلن بالندا
…
أن الذي هو غيركم رجع الصدى
فوجدكم سر الخليقة أحمدا
…
أنتم حقيقة كل موجود بدا
وجميع ما في الكائنات توهم
وقال رحمه الله مشطراً لهما:
إن الوجود وإن تعدد ظاهراً
…
ما فيه غيركم لمن يتوسم
أوصح في الإمكان ثم عالم
…
وحياتكم ما فيه إلا أنتم
أنتم حقيقة كل موجود بدا
…
من كنز كنت وفيه أنتم كنتم
فحقيقة الأعيان أنتم عينها
…
وجميع ما في الكائنات توهم
وقال رحمه الله التخميس الثاني في نعت آل بيت من أنزلت عليه السبع المثاني:
يا آل طه في الكنوز ذخائراً
…
كنتم وجئتم للبروز مظاهرا
ما لي وذي حول يردد ناظراً
…
إن الوجود وإن تعدد ظاهرا
وحياتكم ما فيه إلا أنتم
في الدار ديار سواكم ما اغتدى
…
مع كثرة موهومة متفردا
فمن العماء لمن بنوركم اهتدى
…
أنتم حقيقة كل موجود بدا
وجميع ما في الكائنات توهم
وقال رحمه الله تعالى:
سلت لحاظك مرهفاً
…
بالجفن كان مغلفا
وسطا فجاوز حده
…
في القتل حتى أسرفا
ما ضر لحظك لو تأنى م لحظة وتوقفا
عن فتكه في مهجة
…
ذابت عليك تلهفا
يا من لثمت لثامه
…
ورشفت منه المرشفا
بفم الخيال فلا ارتوى
…
قلبي ولا وهجي انطفا
وقف التصور والتأمل
…
للعقول استوقفا
عن درك معناك الذي
…
بالفكر لن يتكيفا
وبلمع برق الثغر كا
…
د البرق أن يتخطفا
أصبحت من ظمأي إلى
…
تلك الشفاه على شفا
ببيان منطقك الذي
…
جعل المعاني أحرفا
وأدار فيها من لما
…
ك على الندامى قرقفا
حرف تحكم في الرؤو
…
س وبالعقول تصرفا
قد مازج الأرواح حت
…
ى فيه ذبن تلطفا
وبعارض باللام قد
…
عرفته فتعرفا
بسوى أنامل فكرتي
…
نمامه لن يقطفا
وبرمح قد ثقفت
…
هـ فنونه فتثقفا
من لينه أخشى إذا
…
ما اهتز أن يتقصفا
وبواو صدغ ما على
…
غير الخدود تعطفا
عطفاً على رمق امرئ
…
غادرته رسماً عفا
لم يبق غير تسيسه
…
وعلى النية أشرفا
رفقاً بقلب متيم
…
عنه سواك قد انتفى
أشفى على خطط الهلا
…
ك ومن وصالك ما اشتفى
وبليل هجرك ربما
…
غفت النجوم وما غفا
أخفيت حبك برهة
…
والآن قد برح الخفا
ونشرته نشر العبير
…
وكان قبل ملففا
وتسامرت بين الحجو
…
ن به القوافل والصفا
شغب العذول علي عندك بالسلو وأرجفا
فليكثر التعنيف من
…
جهل الغرام فعنفا
لو كان يدري ما الهوى
…
وهو الظلوم لأنصفا
يا أيها القمر الذي
…
بغياهب الشعر اختفى
والبدر حاول أن يحا
…
كي وجهه فتكلفا
لبس المحاسن واكتسى
…
ثوب الجمال مفوفا
كن لي عليك مساعداً
…
وعليك كن لي مسعفا
أو ما كفى ما قد جرى
…
ما قد جرى أو كما كفى
وقال مبتكراً هذه الأبيات وهي من اختراعاته الغريبة:
علينا أهلة هذي الشهور
…
غدت تحصد العمر في منجل
وداست بيادر أيامه
…
بنات لياليه بالأرجل
وقد نثرته مذاري الخطوب
…
كنثر الحبوب من السنبل
وقد طحنته رحى النائبات
…
دقيقاً فما احتاج للمنخل
وقد عجنته بماء الصدود
…
أكف القطيعة في الموصل
وقد خبزته سليمى الهموم
…
بمسجور تنورها المصطلي
وقد قورته رغيفاً رغيف
…
فقلنا لأم الدواهي كلي
ومر الصباح كريح الصبا
…
ومنه الشمائل كالشمأل
وطار إلى ما ورا الخافقين
…
يرفرف في خافقي أجدل
وضاع الشباب فرحنا عليه
…
ندور من الشيب في مشعل
وقد خضبته أكف الغموم
…
خضاباً إلى الحشر لم ينصل
وكان السواد قراباً له
…
فصار البياض شبا المنصل
بكينا على زمن مدبر
…
كما الطفل يبكي على المطفل
ولا بد من بعد هذا البكاء
…
سنبكي على الزمن المقبل
تشابه ذا اليوم مع أمسه
…
فقسنا الأخير على الأول
وقال رحمه الله:
وقاض بجور ماله من مضارع
…
على أنه بالعسف أقطع من ماض
قضى ومضى لكن إلى كل غاية
…
من الخزي لا يحظى بها أبداً قاض
يقولون يقضي قلت لكن بباطل
…
وقالوا يقص الحق قلت بمقراض
وقال رحمه الله تعالى:
كل يوم يجرد الدهر سيفاً
…
نصله الصبح والمساء قرابه
يتراءى نجاده من شعاع
…
وعمود الفجر المنير نصابه
والدراري في ظهره فقرات
…
فالورى مثل ذي الفقار تهابه
فإذا ما بدا ينضنض كالصمل
…
على الخافقين سال لعابه
إنه ذلك الحسام الذي يخشى على كل من عليها ضرابه
وقال رحمه الله:
بي كاتب خطه المسود نسخته
…
قد بيضت كل تسويد من اللمم
عوذت حاجبه مع شق قامته
…
من عين حاسده بالنون والقلم
وقال مشطراً رحمه الله:
رسمت بمحمر البنان شقائقاً
…
فزها برونقها طراز برودها
ومشت فألقت من شعاع ردائها
…
في الروض مثل ورودها بخدودها
لم أدر أيهما الشقائق فانثنت
…
مشغولة الأيدي بحل بنودها
ولمحت زمان النهود فبادرت
…
عيني تثلث جلنار نهودها
ورمقت سطراً فوق صدر مشرق
…
كنهار زورتها وليل صدودها
وبدت لتثبت بالجعود ضلالتي
…
فيه حروف شهودها لجعودها
ومن نثره ما كتبه لصاحب الدولة العلامة الفاضل عبد اللطيف صبحي باشا ابن سامي باشا وكان قد أرسله إليه من دار السلام إلى الآستانة وهو: باسمك يا لطيف قسماً بمن أقسم بالصبح إذا أسفر، ما رأيت مناسبة لنسبتك أيها النسيب إليه، لكونه وأبيك السامي عليه، هو بالانتساب إليك أجدى، وبالاحتساب عليك أيها الحسيب أجدر، وأنى يتسنى له الوصول إلى حضيض سدتك القعساء، ولو طار بأجنحة النسر إلى عنان السماء، على أنه ما يتنفس إلا حسرة على انحطاطه عن علي رتبتك، ولا يتبسم إلا مسرة بما حازه من ارتباط قوي نسبك، ولا ينفلق إلا كاشفاً عن غرر محاسنك الكاشفة للكروب، ولا ينصدع إلا حاسراً عن طرر مآثرك الجاذبة للقلوب، ولا يهب سحراً نسيمه، إلا عن نفح الطيب من سجاياك، ولا يعب عبوب القلوب شميمه، إلا من عبير التعبير
عن مزاياك، فليمل صحائف حكمة الإشراق على الآفاق، وليتل صفائح لواقح الأنوار على الأقطار، وليشدخ بعمود من نور، يا فوخ الديجور، وليمعط بلهذم رمحه جلباب الليل إلى الذيل، وليلق ملاحفاً من ضياه على الوهاد والأعلام، ولينشر مطارفاً من سناه، على البطاح والآكام، وليلف ذنب السرحان، بين الأفخاذ والأعكان، وليسمك بكافور تباشيره سائل العلق، من عرنين الشفق، وليعطس بأنفه الأقنى الأشم العرنين، ولينعم بتشميت ذكا صباحا، وليزهى غرراً وأوضاحا، تتلألأ بها أسرة الجبين، فها أنا والنبيه غني عن التنبيه، ما وقب غاسق، وذر شارق، وعن بارق، لا زلت أدامك الله ولم أزل آن الضحى ووقت الطف، أصل االاغتباق بالاصطباح، واقطع آناء الليل وأطراف النهار، بما يديره على مسامعي من الأقداح الكبار، مفعمة بما يتسلسل سلساله من سلاف محاسن الآثار، دوراً مسلسلاً مساء، ودوراً صباح، فيأخذني الارتياح بالراح من يدي، وأكاد أن أطير من غير جناح ليناديك الندي:
وكيف يطير المرء من غير أجنح
…
ولكن قلب المستهام يطير
جناب من وطئت لجانبه أيها السعد بساعد مساعدتك، وعضد معاضدتك، سبل مقاصده، وطرق مواقفه، فوطاها مولاك ومولاي، الذي ملكت عقد ولائه، فاستملك عقد ولاي، فاستحق أن يكون من الموالي العظام، الفاضل الهمام الشيخ طه، لا زال ممتطياً مما مهدت له من نجائب النجابة، وركائب الرغائب المستطابة مطاها، فإنه السابق الذي لا يلحق، واللاحق الذي لم يسبق، ولا يشق له غبار، باستطراد مساعيك في مضمار الافتخار، فما حضر في محفل بأعلام مدينة السلام حافل، ولا جالس من عنادلها مساجل، إلا وملأ أقفاص الخواص، مما يليه بهديله وترتيله، من سورة الإخلاص في محبتكم أفراحا، وأجال من جريال هاتيك
المعاني المروقة في أواني المباني أقداحا، ومن سني طالعه وبهي مطالعه لا برح مستديراً محور مباهاته، على قطب لسانه بأفلاك لهواته، فيطلع من كواكب المناقب، ما يزاحم النعائم في المناكب، ويملأ ضوءها ما بين المشارق والمغارب، ويشعل في مشكاة أولي البصائر والأبصار، من مصابيح خلائقك الحسان الساطعة الأنوار، ما يذكر في مجامر الضمائر، من طيب الذكر ما هو أذكى من عنبر الشجر المعطار، له في كل ديوان لسان شاكر لإحسانك، وفي كل لسان ديوان ذاكر لامتنانك، يتلو من آيات براعتك ونيلك، وبينات مجدك وفضلك، ما يقرط بدرره المسامع، وتأخذ فرائده بالمجامع، فما من ناد إلا وعطره بنفحات شذى أخلاقك الندية، ولا من واد إلا وأفعمه برشحات ندى أياديك الندية، ولا زلنا نتناول في أثناء مفاكهاته، من فواكه شهي كلماته، ما هو في أطباق كالبدور في الإشراق على خوان أخوان الصفا موضوعة، فهي كفاكهة الجنة، وله تعالى الحمد والمنة، لا مقطوعة ولا ممنوعة، ولله أبوك يا غرة جبهة المالك والمملوك، ما أسرع ما لمحته بعين عنايتك، فجعلته نصب عينك ملحوظاً برعايتك، واتخذته مستودعاً لجواهر صنائعك، مروجاً لما استصحبه من مفاخر بضائعك، وعلمت أنه ممن إذا علم أكرم، وإذا جرب قرب، وإذا اختبر ادخر، لما ظهر لك بأول وهلة من المخايل، الدالة على كرم الشمائل من الاعتدال في أحواله، والطمأنينة والتؤدة اللتان هما من بعض خلاله، لا يتطارح على زاهد فيه، ولا يظهر حرصاً على غير حريص عليه.
وليس بواقع في قدر قوم
…
وإن كرموا كما يقع الذباب
وما كان سقوطه عليك وانجذابه إليك إلا كسقوط الطل على الروض المخضل، هذا وما ينقضي عجبي منه وإعجابي به وهو العندليب بل مغني اللبيب، في لحنه المعرب عن المرفوع من مقامك، والمنصوب من أعلامك، والمجرور
من أذيال أفضالك، والمجزوم، والمجزوم به من أجزال نوالك، بعد أن أرشت من شؤونه الخوافي والقوادم، وبللتها بعد بل الصدى بقطر الندى من هاطل وابل جودك المتراكم، كيف استطاع المطار مع الاختيار عن تلك الأوكار إلى هذه الأقطار، وخلف ما خلف من هاتيك الرياض الورقة الفضائل والحياض المتدفقة بالفواضل، وما دعاه إلى ذلك فأجاب بعد الاستئذان إلا حب الوطن الذي هو من الإيمان، والحنين إلى ما ترك في رصافة بغداد من الأولاد وأفلاذ الأكباد، ولعفاف مجبول في جبلته، وكفاف معجون في طينته، وما راعى قول من تقدم من الشعراء:
يقع الطير حيث يلتقط الحب
…
ويغشى منازل الكرماء
فرجع مملوء الحقايب، مما أسديت له من غرائب الرغائب، بعد أن حصل ما كان يتوقعه من بلوغ الأمل، ولم يقنع من الغنيمة بعد الكد، وقد ساعد الجد بالقفل، وبناء على أشكال تأسيسه الرصينة البنيان، المهندسة الزوايا والأركان، في وصف رصف تلك المزايا الحسان، والسجايا السامية الشان، وضعت قواعد هذا الكلام السطحي التعبير، ورفعت أبنيته فسامتت منطقة البروج بل المحدب بالتقعير، وأنفت بوصف تلك المآثر على الأثير، فأدى فتح باب فصل الخطاب، إلى اتصال مد أطناب الإطناب، المؤذن بعدم رد الجواب، عن هذا الكتاب الكثير الإسهاب، فليسبل حضرة المولى، وهو باللطف أولى، ذيل مراحمه ولطفه، عما تداخل في هذا الكلام من العلل المفضية إلى عدم صرفه، وعلى أنه داخل في باب الوقف، وممنوع لدى المنتقد عن الصرف، فهو علا علاته موقوف عليك وقفاً مؤبداً، ومع ذكرك الجميل جيلاً بعد جيل مخلداً، والله أسأل وبنيته أتوسل أن يقيك ويبقيك خادماً لأبيك مخدوماً لبنيك، وأن لا يخليك من قرة عينك بهم وقرة أعينهم فيك، وأن يقيمك مركزاً