الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونشأ في حجر والده المرقوم المولود سنة خمسين ومائة وألف، والمتوفى سنة ثلاث ومائتين وألف، والمدفون في مرج الدحداح.
وقرأ المترجم على سادات عظام وعلماء كرام، إلى أن صار من أعلم علماء الديار الدمشقية. وتولى من بعد والده إفتاء الشافعية. وهذه الوظيفة قد تورثوها عن آبائهم إلى الجد الأعلى الشهاب أحمد الغزي المولود في غزة سنة ستين وسبعمائة، وتوفي في دمشق الشام يوم الخميس سادس شوال سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وكانت وفاة صاحب الترجمة عاشر ربيع الثاني سنة ألف ومائتين وست عشرة، ودفن في مرج الدحداح رحمه الله تعالى.
الشيخ عبد الغني السادات الدمشقي الحنفي
الإمام الكامل والعمدة الفاضل، زين العلماء وصفوة الفضلاء، له تقييدات لطيفة ورسائل شريفة. مات سنة خمس وستين ومائتين وألف ودفن في الدحداح. وكان له أخذ عن سيدي الوالد، وله عليه اعتماد زائد. ولما ألف رسالته في حكم الحائط المشترك أرسل هذه الأبيات لسيدي الوالد ضمن مكتوب طويل محتو على نثر بديع جميل، ويطلب منه أن يقرظ له على الرسالة المرقومة، ونص الأبيات:
أرجوك يا بهجة الأيام مبتغياً
…
أسامة الطرف في تنميقها الحسن
فإن ترى حسناً فالحسن وصفكم
…
فطرزوا حسنها بالمنطق اللسن
لا غرو إن كسيت ثوب الجمال إذاً
…
وقد هدى بسناها حائد السنن
لا زال منك يراع الحسن ينشر في
…
أسماعنا لؤلؤ الألفاظ بالسكني
ما دبج الروض من حب الغمام وما
…
قد غردت صادحات الطير في فنن
وللمترجم رسائل كثيرة وقصائد وأبيات شهيرة، وأبحاث لطيفة
وتحقيقات طريفة. وكان تقياً عابداً نقياً زاهداً، جميل العبارة والتقرير حسن الأسلوب والتعبير. قرأ على المشايخ العظام كالشيخ عبد الرحمن الكزبري، والشيخ حامد العطار، والشيخ عبد الرحمن الكردي، والشيخ صالح القزاز، وغيرهم من السادات الأفاضل ذوي الفضائل والفواضل، وانتفع وحقق واجتهد ودقق، ونوع الأسباب في إفادة الطلاب، غير أن زمانه قد عانده وخالفه وما ساعده، فلذلك قصر به جواد التقديم، عن الوصول إلى مراتب ذوي الرفعة والتكريم، وكان أخبرني من كان يعرف حقيقة أطواره، ولم يخف عليه شيء من ظواهره وأسراره، بأن السبب الكبير في هذا التأخير، كونه ألف رسالة في تكفير أبوي النبي عليه الصلاة والسلام، وظن أن ذلك إنما يوجب له الكرامة والاحترام، وما عرف أنه لو لم يفعل لكان أولى، أو لو انتصر لهما لكان قدره عند السيد الأعظم أعلى، أعاذنا الله من كل بلوى وأحسن إلينا وإليه في السر والنجوى آمين.
ومن نظمه البديع الشاهد له بالمقام الرفيع، قوله يمدح الوزير علي باشا المعزول عن بغداد:
علوت لمجد فوق ما أنت آمله
…
وفزت بإقبال لك العز حامله
لك السعد ما هذا العلو لمبتغ
…
سواكم وما في الدهر شهم يحاوله
يميناً بعلياكم لقد حزت في الورى
…
مقاماً على الجوزاء تعلو منازله
بنيت من العز المنيع دعائماً
…
وقمت على بحر تفيض سواحله
أبيت " وبيت الله " ذما وسبة
…
وحزت نوالاً فوق ما أنت نائله
شرعت من المعروف فينا شرائعاً
…
بها البطل الكرار تحيا فواضله
أقام بها راجيك يبسم ضاحكاً
…
ينال من الخيرات ما هو آمله
وقمت بإحياء الوزارة حاملاً
…
لسيف غدت للنصر تعزى حمائله
زرعت من الألفاظ روض محاسن
…
لنا أثمرت در المعاني خمائله
يرى منك في الهيجاء بأس وشدة
…
وفي غيرها لطف تروق محامله
رؤوف بأحوال الرعية منصف
…
رحيم إذا المظلوم عزت وسائله
أهنيه بالشام المنيرة منصباً
…
يطرزه السعد المبين تكامله
له منصب من بعدها مصر غانماً
…
ومن بعدها يشتد بالختم كاهله
شهامة كسرى في سخاوة حاتم
…
من المهد عنه قد حكتها قوابله
أتى شامة البلدان فاخضر عيشها
…
وأصبح منها الغصن يحلو تمايله
متى ذكرت في الحي أوصاف وصفه
…
يفوح به نشر من المسك شامله
فأضحى كروض البان فاح عبيره
…
نسيم الربا أخلاقه وشمائله
مهاب جسور لا يسمى مهابة
…
وإن كان شعري قد حكته أوائله
إلى هنا ما وجدته من هذه القصيدة. وله قصائد كثيرة ومقاطيع بالمدح جديرة، رحمه الله وأعلى علاه، وجعل الجنة مثواه، وأعطاه مراده في الآخرة ومناه. ومن نثره ما كتبه لوالدي رحمهما الله تعالى بطلب به منه أن يقرظ له على رسالة كان ألفها فأرسل له هذه العبارة وهي: سيدي المحترم دام بالنعم وسيع الرحاب والحمى والحرم، ما انهلت صيبات سوابغ الديم. قد تعود الداعي المتطفل على ساحة الفضل والرحاب من علي القدر والعز العريض والجناب، أن تشرفوا رسائله بسلاسل سطور ألفاظكم العنبرية، وتشنفوا المسامع بدرركم الجوهرية، وأن تلبسوها قباب الإحسان