الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زين العابدين بن محمد بن زين العابدين
رحمه الله تعالى، قد نظمه سلك عقود اللآلئ الثمينة، في أعيان شعراء المدينة، وترجمه جامعها فقال: خليفة سلفه علماً وفضلاً، وذكاءً ونبلاً، وارتفاعاً في سماء المجد وعلواً، وهمة في اكتساب الفضائل منحته سمواً، فهو فرع لحق في الفخار أصله، واتخذ عند محلِّ علاهم محله، بجد ساعده حظه وجده، وتهلل له مبتسماً بثغر القبول سعده، فوفود الإقبال مستكنة لديه، ومخايل العز لا تزال لائحة عليه، وأدبه الأزهر، أشهر من أن يذكر، فكم له من خطب أنشأها، وبلطائف البديع وشاها، أحسن من الحلل المطرزة رونقاً، وأبهج من سبيك العسجد إذا لاح مؤنقاً، تعشقها الخواطر، وتتنزه في حسنها الضمائر، وأما نظمه فهو الروض البديع، وقد وافاه زمن الربيع، فضحكت فيه أنواع الأزهار، المكللة بلآلي نثار الأمطار، والنسيم وافاها عليلاً، وجر عليها ذيلاً بليلاً، فمن ذلك قوله مجيباً صاحب اللآلي:
لاحت كبدر لاح تحت الحندس
…
وسرت بقد بالغدائر مكتسي
وتبسمت عن عقد جوهر ثغرها
…
وتنسمت عن طيب عرف أنفس
وجلت لنا من أوج أفق جبينها
…
صبحاً تنفس عن دجى متعسعس
وبدا لنا في روض وجنة خدها
…
فياح نبر خالها في الحرس
وغدت تذود عن الخدود لحاظها
…
فحمت ورود حياض تلك الكنس
وبرت بصارم أنفها مهج الورى
…
وبرت بماء رضابها للأنفس
وحقاق فيها فتحت عن لؤلؤ
…
في سلك مرجان المباسم منتسي
لله مبسمها الشهي إذا غدا
…
متبسماً كالصبح حين تنفس
والجيد قد فضح الغزالة لفتة
…
ما قرها تحكيه غير تهجس
والصدر متسع بكل فضيلة
…
تكبو صوافن خصرها بتقعس
والكف أهطل من سحاب سخاوة
…
والجسم أرطب من برود السندس
والخصر أوهن من قوام محبها
…
والساق أصفى من زجاج الأكؤس
مذ ماس بان قوامها في كُثبه
…
أزرى بزانة كل ليث ملبس
شبهت طلعة وجهها في حسنها
…
بدراً بدا في أوج غصن أملس
لله زائر طيفها من زائر
…
وافى يدير لي السلاف فأحتسي
وأبوح من سكري بسر قد سرى
…
في سر سرى للسري الأكيس
شمس المعارف بدر كل فضيلة
…
رب النهى الفهامة المتفرس
نجم العوارف روض كل لطافة
…
حاوي التحائف بل وخير مدرس
أكرم به من فاضل متفنن
…
جمع البراعة واليراعة والقسي
شهم يفوق على الغمام نواله
…
ويروق للرائين منظره الوسي
فرع لا برك دوحة محمودة
…
زرع نما في سوح زاكي المغرس
غطريف أهل المجد بل خطريفهم
…
جحجاح قوم السعد بدر الأطلس
شحشاح فتيان للقريض سراجهم
…
مصباح فتيات النثير الخُنَّس
لا زال للفضلاء يعذب مدحه
…
ويطول شامخ فضله المتأسس
وعلى جميع ذويه يعلو قدره
…
ويفيض نهر كماله المتبجس
ما عاهد الغيداق نافح روضة
…
صبحاً فكللها بدر أنفس
أو ثغر زهر الروض يرشف بكرة
…
ريق الغوادي الضاحكات النعَّس
عن قوله
سلب العقول بتم حسن أنفس
…
رشأ بسيف الجفن مردي الأنفس
رشقت لواحظه السهام بمهجتي
…
أو ما ترى تلك الحواجب كالقِسي
ماست معاطفه فخلت قوامها
…
غصناً يفوق على القنا والمدعس
وغدا بلا شك بخنجر أنفه
…
يفري الحشايا صاح والقلب القسي
أحببْ به بدراً ربيع محاسن
…
روض الجمال غدا بغير تلبس
سقيت بماء الحسن وردة خده
…
واخضر شاربه كزئبر سندس
لو لم يكن جمع الزهور بهاؤه
…
ما كنت تبصر عينه كالنرجس
كالأُقحوان ترى ثناياه إذا
…
ما لاح مبتسماً بثغر ألعس
بل أنها تحكي لسمْط لآلئ
…
تحت العقيق من الشفاه اللعس
فيه المعتق من شهي رضابه
…
يا بخت صب من طلاه يحتسي
حاز التقابل في الجمال فوجهه
…
صبح وذاك الشعر حالك حندس
كالماء والنيران دارة صدغه
…
فاقتبس ورد باللحظ أو بتهجس
كالظبي خلقا والهزبر سطاوة
…
باللحظ يفرس كل أحوس حلبس
لله ليلة جمعنا في السفح إذ
…
نلنا المرام وبغية المتملس
مع ذلك النفار عن وصلي وقد
…
أمسى يطارحنا بلفظ مونس
والليل قد ألقى سجوف ظلامه
…
ونجومه ترنو كأعين حرس
فظللت أحسو خندريس وصاله
…
حتى أضاء الصبح حين تنفس
كضياء مولينا أخي الفخر الذي
…
بمطارف المجد المؤئل مكتسي
زين الأفاضل بل فريدة عقدهم
…
بل در تيجان العلا والقونس
قرم غدت مثل الكواكب خيمه
…
وغدا كمثل البدر فوق الأطلس
السعد خادم فضله السامي وما
…
أحجاه يخدم بالجواري الكنَّس
متبوِّئٍ من قمة العليا على
…
فلك أشم من المعالي أقعس
روض لأصناف المحامد والثنا
…
فرع عليِّ الأصل زاكي المغرس
مولى غدا يحسو بعزم علاه من
…
خرس المعارف مفعمات الأكؤس
يا أيها المولى الهمي بيانه
…
كالغيث حين تهمع وتبجس
انعشت قلبي من نظام فائق
…
وجلوت عنه كل هم موئِس
كالزهرغب القطر كلله الندى
…
أو كالحلي إذا بدا بتهسهس
فسعيت نحو إشارة فيه بدت
…
كيما أنال بسعدكم لتأنس
فاقبل نميقة مشغل ما نمقت
…
لكن بكم تزهو بأفخر ملبس
لا زلت ترفل في برود معزة
…
سامي الرحاب مدى سجيس الأوجس
وله من أخرى:
فتكت بسيف الغنج مهجة صبها
…
وبأسمري القد جسم محبها
وتدرعت حقاً بثوب جمالها
…
فاستأثرت أسد الشراء بعضبها
برزت بميدان التفاخر طفلة
…
فالقرم بدد من أسنة هدبها
وبدت بإيوان التغزل ظبية
…
فتحجبت منها الشموس بحجبها
سفرت خمار الأنس عن ذاك السنا
…
فتكورت شمس الدنا في غربها
كشفت عن الراحات قلت مشبهاً
…
بدر الحوالك قد بدت من سحبها
وجلت لنا كأس المحبة والهنا
…
وملته راحاً من معتق شربها
وشدت بألحان الرباب وزينب
…
وبثينة العشاق نخبة سربها
فسكرت من ذاك المدام فلا أعي
…
وطربت من ذكر الرباب وقربها
وله من أخرى
أرى القلب مغرى وغرماً بالتغزل
…
حليف جوى يصبو إلى كل عَيْطلِ
يسامر زهر الليل يشكو لها الذي
…
يقاسيه في ذاك الجمال المكلل
وينشد عن ليلى ولبنى وزينب
…
وينعم مع هند ويصبو لمنزل
فليلى سويد القلب حلت وغيرها
…
رسوم وأسماء تزال بمعول
فشاهد سنا ليلى فضوء جبينها
…
هلال يعيد الوجد بعد التنصل
وحاجبها قوس أراش لأسهم
…
أصابت فؤاد الواله المتعلل
وأعينها حور حُمين بِبُتَّرٍ
…
وهاروتها بالسحر قد صار مخبلي
ومسند جنح الجند مرسل أدمعي
…
ومقطوع صبري في الهوى لم يوصل
زكافور خديها تنفس فجره
…
بعنبر خيلان يفوح كمندل
ومبسمها الزهري أشرق نوره
…
على شفق يبدو بذاك المقبل
ومرشفه راح ببابل صنعه
…
فمن ذاق منه رشفة لم يعلل
وجيد لها يحكي الغزالة صوره
…
وما قدرها تحكيه غير تخيل
وراحات أيديها كبدر دجنة
…
وصدر كقرص الشمس في حين ينجلي
فدائي هواها والدواء وصالها
…
وحالي لا يخفى على المتأمل
انتهى. إن هذا المترجم قد مات في القرن الثالث عشر ولم أقف على تعيين تاريخ موته رحمه الله.