الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علوم الدين " حتى أن بعض علماء المغاربة ألف كتاباً حافلاً في فضائل الإحياء. ومما يحكى أن رجلاً من المشتغلين به اطلع على كتاب تنبيه الأحيا على أغاليط الإحيا، فأقبل على مطالعته فما أتمه إلا وقد ذهب بصره، فأكثر من البكاء والتضرع إلى الله عز وجل وعرف السبب وتاب إلى الله عز وجل، فرد الله عليه بصره. انتهى قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكلامه في الأحياء غالبه جيد، لكن فيه أربع مواد فاسدة: مادة فلسفية، ومادة كلامية، ومادة الترهات الصوفية، ومادة من الأحاديث الموضوعة. وبينه وبين ابن عقيل قدر مشترك من جهة تناقض المقالات المصنفات. قال الشيخ حسين بن عبد الله الحضرمي في حق الأحيا: يداوى به من سموم الغفلة ويوقظ علماء الظاهر، ويوسع للعلماء الراسخين، ومن أنكر عليه فهو خارج عن الصواب. ولا عبرة بقول محمد صديق حسن خان في كتابه المسمى بالتاج المكلل فإنه قال: وهو لا شك كذلك لكن بعد حذف المواد الفاسدة المشار إليها، ومثله كتابه الآخر المسمى بكيمياء السعادة. انتهى قال صاحب النفس اليماني: قرأت على المترجم من أول كل ربع شيئاً وأجازني، وكان لا يرى للدنيا قدراً، اتصف بالسماحة وبذل المال ما أمكن. توفي سنة ألف ومائتين و..
السلطان عبد العزيز بن السلطان محمود الثاني
تولى الملك بعد أخيه السلطان عبد المجيد وكان سلطاناً مهاباً جسوراً ذكياً نبيهاً عارفاً بدقائق السلطنة، تولى الملك سابع عشر ذي القعدة الحرام سنة ألف ومائتين وسبع وسبعين، وفي سنة ثمان وسبعين أظهر أهل الجبل الأسود العصيان فأرسل إليهم من أرجعهم إلى الطاعة بعد حرب عظيم،
وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف أظهر العصيان أهل جزيرة كريد وكثير من البندقية، فجهزت الدولة جيوشها براً وبحراً وكذلك جهز صاحب مصر جيوشاً كثيرة فكانت مع عساكر الدولة، ووقع بينهم وبين العصاة حرب شديد كان النصر فيه لعساكر المسلمين، وأذاقوا العصاة الوبال، وأرجعوهم إلى الطاعة والاعتدال. وفي سنة تسع وسبعين توجه المترجم إلى الديار المصرية للتنزه والتفرج، وكان ذلك في ولاية إسماعيل باشا بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا. وفي سنة أربع وثمانين توجه إلى باريز تخت ملك الفرنسيس، وكان قد دعاه نابليون حينما دعا عدة من الملوك العظام، وكان في رحلته هذه قد مر على أدرنة وعلى قلعة بلغراد، وكان السرب قد طلبها منه أعطاهم إياها، فحين عاين تحصينها غضب لذلك، وكانوا أخبروه أنها مهدومة وأنها مدينة كاسدة، فلما رآها ندم حيث لا ينفع الندم. وفي سنة ثمان وثمانين أرسل جيشاً عظيماً تحت قيادة رديف باشا إلى بلد عسير حينما خرجوا عن طاعته، فهزمهم وقتل أميرهم محمد بن عايض ابن مرعي، وقتل كثيراً وأسر كثيراً وأرسلهم إلى الآستانة، وصارت بلاد عسير في حكم الدولة منضمة إلى ولاية صنعا واليمن، وفي هذه السنة أيضاً كانت فتنة عظمى بين ألمانيا وفرانسا آل الآمر فيها إلى هزيمة الفرنسيس وأسر ملكم نابليون الثاني. وفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف سابع شهر جمادى الأولى خلع المترجم المشار إليه ومات بعد خمسة أيام، وعمره ثمان وأربعون سنة، ومدة سلطنته ست عشر سنة وأربعة أشهر رحمه الله تعالى. وقد أشيع أنه قتل نفسه بمقص قص به عرقاً في ذراعه فمات، وفي سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف نفي جماعة من الوزراء إلى الحجاز، فحبسوهم في قلعة الطائف، منهم: مدحت باشا ومحمود باشا داماد
مولانا السلطان عبد الحميد، ونوري باشا داماد حضرة السلطان المتقدم ذكره، ومعهم جماعة آخرون منهم: شيخ الإسلام خير الله أفندي. وفي سنة ثلاثمائة توفي مدحت باشا ومحمود باشا الداماد في القلعة المذكورة، وكان خلع السلطان عبد العزيز سبباً لاضطراب كثير وحوادث شتى.
وكان القائم أكمل القيام في خلعه حسين عوني باشا، وكان السلطان عبد العزيز هو الذي رقاه وأعلى قدره إلى أن جعله رئيساً على العساكر كلها، بل جعله مقدماً على جميع أهل الرتب والمناصب، فكافأه الباشا المذكور على هذه الأمور العظيمة بأن أدخل في أفكار الوزراء أن السلطان المذكور قد تداخل مع الروسية، وأنه يريد أن يملكهم دار السلطنة، ولا زال هو ومن اتفق معه يسعون في الفساد ويدبرون التسلط على خلعه، إلى أ، تم لهم ذلك فخلعوه ووضعوا مكانه السلطان مراد، ابن أخيه السلطان عبد المجيد. فقدر الله تعالى أن رجلاً يقال له حسن جركس وكان السلطان عبد العزيز المومى إليه متزوجاً بأخته فأخذته حمية على السلطان عبد العزيز، فصمم على قتل حسين عوني باشا، ودخل عليه في دار الصدر الأعظم محمد راشد باشا فوجده مع جماعة من الوزراء مجتمعين للمشاورة في بعض الأمور، وكان مع حسن جركس فرد بست طلقات فقتل به حسين عوني باشا ومعه جماعة من الوزراء، ثم قبضوا على حسن جركس وقتلوه.
وكان موت المترجم كما تقدم سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف سابع جمادى الأولى.