الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالغاً ما يروم والعيش صاف
…
في نعيم وصحةٍ وأمان
مع أهلية والبنين خصوصاً
…
وجميع الأحباب والخلان
ما حلا ذكره الجميل وغنت
…
صادحات الحمام في الأفنان
وتوفي سنة ألف ومائتين ونيف وعشرين تقريباً رحمة الله تعالى عليه
الشيخ حسن بن عبد القادر بن مصطفى بن عبد القادر التادفي الشافعي
الشيخ أبو محمد الفقيه المقرىء، مولده بتادف سنة خمس وخمسين ومائة وألف، وقرأ القرآن العظيم وحفظه على أبي محمد عبد الرزاق المكتبي، وارتحل إلى حلب وتوطنها، وتفقه بأبي محمد عبد القادر بن عبد الكريم الديري وغيره، وكان صالحاً تقياً نقياً زاهداً عابداً ديناً كريماً، توفي رحمه الله سنة ألف ومائتين و....
الشيخ حسن الهابط
المجذوب لمولاه، والمنقطع عما سوى الله، صاحب الكرامات الظاهرة، والخوارق العجيبة الباهرة، ولد سنة ألف ومائتين وعشرين، ونشأ في حجر
والده، وعلمه صنعة حياكة الحرير، ثم غلب عليه الجذب والسكوت وترك الحياكة، ولازم الساحة المعروفة، في ميدان الحصا بساحة الحمام، يعني حمام التوتة، وهذه الساحة قد دفن بها جملة من السادات المجاهدين، وبها قبورهم ظاهرة مشهورة مقصودة بالزيارة، غير أنه لم يعرف من أسماء أصحابها إلا الشيخ حرب والشيخ موسى، وكثير من الناس قد حفروا في تلك الساحة فوجدوا بعض المدفونين بها بحالهم، وعندهم بعض أسلحة من الطراز القديم، كالسيف والنشاب والدرقة، وإذا الإنسان مر بين قبورهم في ليل أو نهار يجد أنساً وروحانية وفرحاً وسرورا، نسأل الله تعالى أن يلهم أهل الحمام الذي في جوارهم صيانتهم واحترامهم من فرشي الزبل والأقذار التي يفرشونها بين قبورهم وعلى مدافنهم المدروسة فإن القبور تصان لا تبتذل وتهان، خصوصاً قبور السادة المجاهدين في سبيل الله، فإن من آذاهم وإن أمهل لا يهمل، نسأل الله الحماية، والحفظ والوقاية ثم نرجع إلى المترجم فإنه رضي الله تعالى عنه كان ملازماً للوقوف في هذه الساحة، ويتردد بها قليلاً ولا يخرج عنها، وكان في أيام الشتاء والبرد ينزل عليه المطر الغزير والثلج الذي ربما يرتفع على الأرض ذراعاًن ولا يتظلل ولا ينتقل، حتى أنه مرة كان واقفاً فنزل الثلج وكثر، فجلس على الأرض وجلل عليه الثلج حتى ستره بالكلية، فتفقده الناس فلم يجدوه، ففتشوا عليه فوجدوه مستوراً في الثلج، فحينما وجدوه وأزاحوا الثلج عنه خرج البخار من عنده، وكأن محله فيه نار، ولما نظروا إليه وجدوه ضاحكاً باسماً يتكلم بكلام لا يعرفونه ولا يفهمونه، لأنه كان يهمس في الكلام همسا، وكان لا يلبس على جسمه سوى قميص وبوظية من الصوف، وكان إذا أظهر المحبة إلى إنسان شمه بأنفه،
وكان دائماً نظره إلى الأرض مطرقاً برأسه يدور في محله ويتردد، كأنه محتار مدهوش واقع في مهم عظيم. وفي سنة ثلاث وستين ومائتين وألف، حينما طلب السلطان عبد المجيد والدي ودعاه إلى ختان أولاده، فكانت المكاتيب من والدي إلينا متواصلة، إلى أن انقطعت عنا المكاتيب مدة طويلة، فصعب علينا الأمر، وانشغلت أفكارنا وكثرت التأويلات في هذا الأمر من الناس، فحصل عندنا جزع عظيم، فخرجت من دارنا إلى الجامع المعروف بجامع الدقاق في الميدان الذي هو في محل إقامتنا وصلاتنا وقراءتنا، وكان اليوم يوم خميس ونحن في غاية الضيق، فوجدت المترجم يتردد أمام حجرة والدي، ولم يكن له عادة في الانتقال من الساحة المتقدمة، فاستغربت الأمر كثيراً، وعرفت أنه ما كان ذلك إلا لحكمة، فتقدمت إليه وسألته، فقال بلسان فصيح يأتي الشيخ يوم الأحد، فقلت له وأي واحد؟ فقال يوم الأحد، فكررت عليه وهو لا يزيد عن ذلك، ففي ثاني يوم صباحاً ورد علينا المكتوب من بيروت بحضوره إليها، وكان وصوله إلينا يوم الأحد كما قال المترجم. وكان كثيراً ما تأتي إليه جملة من أكابر المجاذيب ليلاً، فيجلسون عنده ويتذاكرون معه، وإذا مر عليهم أحد سكتوا عن الكلام إلى أن يبعد عنهم، ورؤوسهم متدانية بعضها من بعض، خوفاً من أن يسمعهم أحد. وأما صغار المجاذيب فإنهم لا قدرة لهم على المرور من محلته، حتى لو جرهم أحد يتمنعون من مطانعته، ويظهرون الخوف والتباعد، ومع حالته رضي الله عنه وعدم كلامه كان جمالياً لا جلالياً، يأنس الإنسان به، وليس له حالة فظيعة ولا مسبة ولا كلام بشتمٍ ولا غيره، كما يحصل من بعض المجاذيب، بل كان يسكت عند كلام الناس ولا يجاوب أحداً إلا في بعض الأوقات، إذا كان السرور متجلياً عليه. ولم يزل على حاله إلى أن توفي عاشر ربيع الأول سنة ست وسبعين ومائتين وألف