الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن السيد المصان، ملازم على دروس العلم من صغره، وعلى العمل بمقتضاه إلى نهاية عمره، وله شهرة بين الناس بالتقوى والصلاح، والاستقامة على نهج الفلاح، محبوب في القلوب، مؤتمن في كل مطلوب ومرغوب، مستقيم الأطوار، معدود من الأخيار، توفي رحمه الله يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الثاني سنة ألف وثلاثمائة وألف من غير مرض، بل كان في حانوته مشتغلاً في تجارته ليس به أدنى مرض بل صحته في كمالها فأصابه وجع قليل في معدته فذهب إلى بيته فصادفته المنية عند وصوله ودفن يوم موته في مقبرة باب الصغير. وكان مشهد جنازته غريباً في كثرة الحاضرين وازدحام المشيعين، رحمة الله تعالى علينا وعليه وعلى المسلمين أجمعين.
الشيخ عمر أفندي بن عبد الغني بن محمد شريف بن محمد الدمشقي العامري
الشهير بالغزي
مفتي السادة الشافعية بدمشق الشام. ولد بدمشق الشام ليلة الاثنين ثاني ذي الحجة الحرام سنة مائتين بعد الألف، ونشأ في حجر والده وقرأ القرآن، وبعد إتقانه حضر على العلماء، والسادة الفضلاء، منهم الشيخ حسن المكي والسيد محمد شاكر العقاد وغيرهم من الأفاضل الكرام
والسادة العظام، إلى أن صار من أفراد ذوي التحقيق على التحقيق، وساد أرباب التدقيق بنظره الدقيق. مد للرياسة كفاً وساعداً، فصادف الدهر له على مرامه مساعداً، وتبرجت له هيفاء المعالي والمعارف، من بروج مجده العريق بكل فضل تالد وطارف، فهو الطود الشهير والعمدة الكبير، عين أعيان دمشق الشام ونخبة ذوي المقامات العالية والاحترام.
وفي سنة ألف ومائتين وست عشرين وجه عليه إفتاء الشافعية بدمشق والتدريس في المدرسة الشامية مكان أسلافه، وشرح منظومة جده البدر الغزي في النحو، وسماها " الكواكب الدرية شرح الدرة المضية " وبلغ من الفضل والجاه ما تقدم به في دمشق على من سواه. وصار عضواً مقدماً بمجلس شورى الشام نيفاً وعشرين سنة بدون انفصال، واشتهر بالآفاق وانعقد على جلالته الاتفاق، ونبل قدره وارتفع صيته وذكره. وكان مفرداً بالذكاء والمعارف وموصوفاً بالشمائل العالية واللطائف، مهاباً جسوراً لا يهاب حاكماً ولا وزيراً. دخلت مرة مع والدي إلى المجلس الكبير وكنت غلاماً صغيراً، فوضعني المترجم بجانبه وجعل لي قدراً كبيراً، وكان المجلس قد غص بأهله واجتمع فيه أعيانه من فرعه إلى أصله، ولم يكن في البلدة مجلس سواه، يجلس فيه الوالي وحاكم الشرع والمفتي وسائر الأعيان ذوي القدر والجاه، فبعد أن جلسنا قليلاً وجدت أوراقاً كثيرة قد أهملت في زوايا الإهمال ولم ينظر إليها بحال، فقلت له سراً سيدي ما هذه الأوراق المعرض عنها أنظرتم بها وتم الشغل منها، فرفع صوته وقال: