الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتأسف عليه الخاص والعام، جمعنا الله وإياه في الفردوس بجاه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
أحمد عزت باشا الفاروقي بن محمود أفندي بن سليمان أفندي ابن أحمد أفندي
بن علي أفندي المفتي الملقب بأبي الفضائل
ابن مراد أفندي بن الشيخ عثمان الخطيب بن الحاج علي بن الحاج قاسم وهو الذي ورد من الشام إلى الموصل في حدود سنة التسعمائة وسبعين وعمر بها الجامع الوجود اليوم المشهور بجامع العمرية وقبره وقبر ولده في قبة مخصوصة بهما، (وكان تاريخ الجامع لفظه خاشع) ، ابن علي بن الحسن بن الحسين بن أبي بكر بن موسى بن عمر بن عثمان بن حسين بن نبي ابن عبد القادر بن عبد الوهاب بن عبد الله بن منصور بن شمس الدين بن يحيى ابن يعقوب بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن محمود بن دياب بن يوسف بن سعيد بن ناصر الدين بن عبد الهادي بن عاصم بن عبد الله بن عاصم بن حضرة أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه وذلك حسبما هو مضبوط ومقيد في شجرة الأنساب الفاروقية. وأما والدته فينتهي نسبها الشريف إلى السادة الأعوجية الفخرية إلى حضرة قطب الأقطاب السيد أحمد الرفاعي الكبير رضي الله تعالى عنه.
أقول: إن هذا الأديب الفاضل، المتحلي بأنواع العلوم والفضائل، قد ذكر هذا النسب الشريف في كتابه المسمى بالعقود الجوهرية، في مدائح الحضرة الرفاعية، وتمم ترجمته فقال: وأما ولادتي فكانت في الموصل أواخر سنة الأربع والأربعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل التحية، ولما بلغت من العمر أربع سنين باشرت بقراءة القرآن الكريم، وسنة سبع من عمري ختمته، وحفظت طرفاً منه، ورويت
قراءة حفص على أستاذي بالنحو المرحوم ملا عبد الرزاق أفندي الجبوري وفي سنة أربع وخمسين طلبني المرحوم عمي المشهور بالفضل العميم عبد الباقي أفندي الفاروقي، وكان إذ ذاك ساكناً في بغداد، وبقيت في خدمته مقدار ستة أشهر، بعد أن أكملت قراءة الأسيوطي على المرحوم ملا أسعد أفندي الموصلي مدرس جامع الآصفية، ثم عدت إلى الموصل فقرأت أصول الفقه وعلم الحساب وطرفاً من علم الوضع على العالم الفاضل المرحوم عبد الرحمن أفندي الكلاك، وجمعت جمع الصغير وجمع الكبير في القراءات السبع على مخدومه عبد اللطيف أفندي، وقرأت الإيساغوجي على العالم الزاهد والفاضل العابد المرحوم ملا محمد أمين أفندي بن ملا عبيده، وقرأت علم البديع وطرفاً من المعاني والبيان على رئيس العلماء المشهود له بالعلم والورع المرحوم عبد الله أفندي الفاروقي، ثم في أوائل سنة إحدى وستين طلبني من أبي ثانياً عمي المرحوم لأجل البقاء بخدمته، فتوجهت إلى بغداد، وكانت إذ ذاك غاصة بالفضلاء والعلماء والأدباء، فتخرجت عليه في فنون الشعر وعلم الأدب، وطرت بجناح فضله، واستسقيت من هطال وبله، وفي غضون ذلك قرأت على سبيل التبرك شرح الشمسية، وابن عقيل على خاتمة المفسرين وعلامة العلماء المحققين المرحوم أبي الثناء شهاب الدين السيد محمود أفندي الألوسي مفتي الزوراء ومرجع الفضلاء، وقرأت أيضاً كتاب تشريح الأفلاك على المرحوم الفاضل الشيخ أحمد أفندي السنة لي، وأتقنت اللغة الفارسية على مخدومه العالم الأكمل الشيخ طه أفندي، وبقيت في خدمة المرحوم العم ببغداد إلى السنة التاسعة والستين فانسلكت بخدمة الدولة العلية العثمانية متقلباً في البلاد وأولها شهر زور، ولا زلت من أفضال تلك الدولة أتنقل في أنواع مأمورياتها من داخلية وخارجية ورسومية ومالية، وارتقى إلى درجات رتبها بالتدريج، حتى
أصعدني من حسن أنظاره أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين حضرة السلطان عبد الحميد خان أدامه الرحمن، إلى رتبة المير ميران، وها أنذا اليوم بالآستانة ضيف حضرته، ونزيل سدته، داعياً لحضرته بمزيد الدوام على مدى الأيام، انتهى كلامه. ومن نظمه الحسن وكلامه المستحسن قوله:
عنبر الليل وكافور الصباح
…
أشغلاني باغتباق واصطباح
يا نديمي قم فقد هب النسيم
وبدا من عرفه مسك الشميم
وانبرت في الكاس نيران الكليم
فامزج الخمرة بالماء القراح
…
واسقنيها بغدو ورواح
عاطنيها قبل نور الفلق
بغناء الورق بين الورق
كاحمرار الشمس عند الشفق
نسج المزج عليها بارتياح
…
أدرع الدر ومفتر الأقاح
وغزال سامني بالملق
ويرى جسمي وأذكى حرقي
أهيف مذ سل سيف الحدق
قصرت عنه أنابيب الرماح
…
بابلي اللحظ مهضوم الوشاح
ذاب بالوجد فؤادي كلفا
حيث شاب الوصل منه بالجفا
كلما قلت جوى الحب انطفى
أمرض القلب بأجفان صحاح
…
وسبى العقل بجد ومزاح
يا خليلي أنت نور المقل
جد بوصل منك لي يا أملي
كم أغنيك إذا ما لحت لي
مرحباً بالشمس من غير صباح
…
زرتني والليل ممدود الجناح
هذه الخمرة من عصر قديم
تنعت الروح إلى العظم الرميم
تتهادى بين راحات النديم
لمريد عنده الصفو مباح
…
فهي روح وهي ريحان وراح
خمرة الإرشاد من عهد الأزل
تنقذ الشارب من كل العلل
فهي مثل النوم ما بين المقل
تسري في الأفكار من غير جماح
…
وتذود الهم من دون كفاح
زوجوا الماء على بنت الدنان
واستطابوا شربها قبل الأوان
فشذا تذكارها في كل حان
مثل نشر المسك في الأرجاء فاح
…
حملته للورى كف الرياح
إنما الأقطاب في هذي الدنا
نقطة فيها نزيل المنحنى
والرفاعي بينهم بادي السنا
فهو بدر التم ليلاً حين لاح
…
فيه للظلماء والغي افتضاح
هو غوث للورى غيث الندى
معدن العرفان بل قطب الهدى
لست تلقى من سواه رشداً
لائق عرفانه بالامتداح
…
زنده بالكون واري الاقتداح
خصه الله بعلم وعمل
فغدا يزهو به روض الأمل
وكساه بالسنا أسنى الحلل
وحباه فوق أثواب الصلاح
…
رفعة المسند من دون اقتراح
حبه قد حل مني بالفؤاد
أينما كنت مقيماً في البلاد
فهو في حلم وعلم وسداد
ملأ الأقطار ذكراً والبطاح
…
وعلى أعدائه شاكي السلاح
إنما أشباله بين الورى
معدن الفضل وآساد الشرى
فيهم غصن الهدى قد أثمرا
كل فرد منهمو بادي الفلاح
…
كفه يقرع أبواب النجاح
هو باز في الورى قد حلقا
وعلا فوق المعالي وارتقى
فهو للقدح المعلى مذ رقى
نال أغنى الكل عن ضرب القداح
…
ما علينا في ولاه من جناح
مدحه شرف حزب الشعرا
فزها المدح به بل نورا
وسماء النظم لما أقمرا
قد مدحناه بألفاظ فصاح
…
ونعمنا باختتام وافتتاح
توفي رحمه الله سنة ألف وثلاثمائة ونيف.