الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض
اختلف أهل العلم في هذه المسألة
(1)
وسلكوا فيها عدة مسالك لا تخرج كلها عن مذهبين.
أحدهما: مذهب الجمع.
ثانيهما: مذهب النسخ، وإليك بيان ذلك.
أولًا: مذهب الجمع:
سلك هذا المذهب أكثر أهل العلم، ولكنهم اختلفوا في طريقة الجمع على ثلاثة أقوال وهى كالتالي:
القول الأول:
-
هو أن الرقى والكى مكروهان مطلقًا وأَنَّهما قادحان في التوكل بخلاف سائر أنواع الطب ومن أبرز أدلتهم على ذلك ما يلى:
1 -
حديث السبعين ألفًا، فإنه صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئِلَ عنهم قال:"هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربِّهم يتوكلون".
قال الطحاوي: "وقد كره قوم الرقى واحتجوا في ذلك بحديث عمران ابن حصين"
(2)
.
(1)
الخلاف المذكور إنما هو في الرقى الشرعية، أما الرقى الشركية فلا خلاف في تحريمها.
(2)
شرح معاني الآثار (4/ 326).
وقال الحافظ ابن حجر: "فتمسك بِهذا الحديث من كره الرقى والكى من بين سائر الأدوية، وزعم أنَّهما قادحان في التوكل دون غيرهما"
(3)
.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "من اكتوى أو استرقى فهو بريء من التوكل"
(4)
.
فقالوا: إن هذه الأحاديث تدل على كراهة الرقى ومنافاتها للتوكل، وأما فعله صلى الله عليه وسلم وأمره بِها وإقراره لها إنما هو لبيان الجواز.
3 -
التفريق بين الرقى والكي وبين سائر أنواع الطب وذلك أن الرقى والكى البرءُ فيهما أمر موهوم، وما عداهما محقق عادة كالأكل والشرب فلا يقدح
(5)
.
وقد نسب ابن عبد البر هذا القول إلى داود بن علي وجماعة من أهل الفقه والأثر
(6)
.
(3)
فتح الباري. (10/ 211) وانظر (11/ 409).
(4)
أخرجه من حديث المغيرة بن شعبة: الترمذي (تحفة 6/ 214) ح (2131) وقال: هذا حديث حسن صحيح وابن ماجه (2/ 1154) ح (3489) وأحمد في المسند (5/ 303) ح (17715) وأيضًا في (5/ 307) ح (17735) وابن حبان في صحيحه (13/ 452) ح (6078) وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 453) ح (8) والحاكم في مستدركه (4/ 461) ح (8279) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبى. وأخرجه ابن أبي الدنيا في التوكل (89) ح (43) وابن عبد البر في التمهيد (5/ 272) والبغوي في شرح السنة (12/ 160) ح (3241) وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 435) ح (244) وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان.
(5)
انظر المفهم للقرطبى (1/ 464).
(6)
انظر التمهيد (5/ 268).