الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأجل لم يتقدم ولم يتأخر، وفي غير هذه الحالة يجوز أن يؤخره الله بالدعاء أو بصلة الرحم أو بفعل الخير، ويجوز أن يقدمه لمن عمل شرًّا أو قطع ما أمر الله به أن يوصل وانتهك محارم الله سبحانه
(32)
.
- وأما قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}
(33)
.
وكذلك الأحاديث التى فيها أنه فُرغ من تقدير الأجل والرزق والسعادة والشقاوة فأجابوا عنها: بأنها محمولة على عدم تسبب العبد بأسباب الخير والشر فإنه إذا لم يتسبب بأسباب الخير أو الشر فإنه يقع عليه الأجل المقدر كما في حديث ابن مسعود وغيره.
وأما إذا تسبب العبد بأسباب الخير كصلة الرحم وغيرها فإنه قد يُزاد في عمره كما في حديث أنس وغيره
(34)
.
المسلك الثاني: أن العمر لا يزيد ولا ينقص
.
والقائلون بِهذا حملوا الزيادة في العمر الواردة في النصوص على المجاز.
وإلى هذا ذهب جمهور العلماء كما نقل ذلك الإمام مرعى بن يوسف
(35)
والشوكاني
(36)
عليهما رحمة الله وحكى ابن عطية في تفسيره أنه مذهب أهل السنة
(37)
.
واستدل هولاء بما يلى:
(32)
انظر تنبيه الأفاضل للشوكاني (27).
(33)
سورة الحديد. آية (22).
(34)
انظر تنبيه الأفاضل للشوكاني (28، 29).
(35)
انظر إرشاد ذوى العرفان (54).
(36)
انظر تنبيه الأفاضل (12).
(37)
انظر المحرر الوجيز (2/ 396) مع ملاحظة أن ابن عطية أشعري العقيدة.
1 -
عموم الآيات التي فيها أن الأجل لا يتقدم ولا يتأخر ومن ذلك: قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}
(38)
وقوله عز وجل: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ}
(39)
وقوله تعالى: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}
(40)
.
2 -
(41)
.
3 -
الأحاديث التي فيها أنه قد فُرغ من تقدير الأجل والرزق والسعادة والشقاوة، ومن ذلك:
- حديث ابن مسعود رضى الله عنه وفيه: "ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقى أو سعيد"
(42)
.
- حديث ابن مسعود رضى الله عنه -أيضًا- أن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: اللهم متعنى بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخى معاوية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئًا قبل حِلِّه أو يؤخر شيئًا عن حِلِّه"
(43)
.
- وذكر أصحاب هذا المسلك عدة تأويلات للزيادة في العمر الواردة في النصوص، ومن هذه التأويلات ما يلى:
1 -
"أن زيادة الأجل تكون بالبركة فيه وتوفيق صاحبه لفعل الخير
(38)
سورة النحل. آية (61).
(39)
سورة نوح. آية (4).
(40)
سورة المنافقون. آية (11).
(41)
سورة الحديد. آية (22).
(42)
تقدم تخريجه ص (466).
(43)
تقدم تخريجه ص (466).
وبلوغ الأغراض، فينال في قصير العمر ما يناله غيره في طويله"
(44)
، وإلى هذا ذهب النووي
(45)
واستظهره الطيبي
(46)
.
2 -
أن المراد بالتأخير في الأجل: أن يبقى بعده ثناء جميل وذكر حميد وأجرٌ متكرر فكأنه لم يمت، حكى هذا القاضي عياض
(47)
وذهب إليه القرطبي
(48)
.
3 -
أن المراد بالزيادة هنا: السعة في الرزق وعافية البدن فإن الغنى يُسمى حياةً والفقر يُسمى موتًا، ذكره ابن قتيبة
(49)
.
4 -
أن المراد بالزيادة: نفي الآفات عن صاحب البر والصلة والزيادة في فهمه وعقله. وبهذا جزم ابن فورك
(50)
.
5 -
أن المعنى: أن الله تعالى يكتب أجل عبده عنده مائة سنة، ويجعل بنيته وتركيبه وهيئته لتعمير ثمانين سنة، فإذا وصل رحمه زاد الله تعالى في ذلك التركيب وفي تلك البنية ووصل ذلك النقص، فعاش عشرين أخرى حتى يبلغ المائة، وهي الأجل الذي لا مُستأخر عنه ولا متقدم، ذكره ابن قتيبة
(51)
.
وأجاب أصحاب هذا المسلك عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} بعدم حملها على العموم، وذكروا عدة تخصيصات للآية كقولهم: إن الْمعنى: يمحو ما يشاء من الشرائع والفرائض والأحكام فينسخه ويبدله
(44)
كشف المشكل لابن الجوزى (3/ 187).
(45)
انظر مسلم بشرح النووى (16/ 349).
(46)
انظر فتح البارى (10/ 416).
(47)
انظر إكمال المعلم (8/ 21) ومسلم بشرح النووى (16/ 350).
(48)
انظر المفهم (6/ 528).
(49)
انظر تأويل مختلف الحديث (189) كشف المشكل (3/ 185) إرشاد ذوي العرفان (65).
(50)
انظر فتح البارى (10/ 416) إرشاد ذوى العرفان (65) مشكل الحديث لابن فورك (326).
(51)
انظر تأويل مختلف الحديث (189) كشف المشكل (3/ 186) إرشاد ذوي العرفان (66).
ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، وجملة الناسخ والمنسوخ عنده في أم الكتاب
(52)
.
كما أجابوا عن قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} بأن المراد بالمعمر الطويل العمر والمراد بالناقص قصير العمر.
والمعنى: كل من طال عمره أو نقص فهو مكتوب في الكتاب
(53)
* * *
(52)
انظر تفسير الطبري (7/ 402) شرح العقيدة الطحاوية (132). إرشاد ذوى العرفان (61، 62). تنبيه الأفاضل (13). وانظر بقية التخصيصات التي خصصوا بِها الآية في تفسير الطبرى (7/ 399 - 403). إرشاد ذوى العرفان (62 - 63) تنبيه الأفاضل (14 - 16).
(53)
انظر إرشاد ذوى العرفان (63) تنبيه الأفاضل (17).