الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه"
(43)
.
المسلك الثامن:
أن (الباء) في قوله: "ببكاء أهله" للحال أي بمعني (عند) كقوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}
(44)
والمعني: أنه يعذب عند وقت النياحة أو حال بكاء أهله عليه، لأن غالب النياحة يقع عند قرب العهد، ومعظم عذاب المعذَّب في القبر يكون عند نزول اللحد، ثم يدوم منه ما يدوم، فيكون العذاب واقعًا حال النوح لا بسبب النوح وهذا المسلك كالذي قبله قالت به عائشة رضى الله عنها وبعض أهل العلم
(45)
.
واستدلوا بحديث عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن"
(46)
.
ثانيًا: مذهب الترجيح:
وقد سلكه فريقان من الناس:
فالفريق الأول: حمل حديث: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" على ظاهره وهو أن الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، وعلى رأس القائلين بِهذا عمر ابن الخطاب وابنه عبد الله رضى الله عنهما
(47)
، وقد تقدمت قصة عمر
(43)
تقدم تخريجه ص (433).
(44)
سورة آل عمران. آية (17).
(45)
انظر معالم السنن (1/ 264) كشف المشكل (1/ 58) مسلم بشرح النووى (6/ 484) شرح الصدور (385) نيل الأوطار (4/ 126).
(46)
تقدم تخريجه ص (433).
(47)
انظر فتح الباري (3/ 153) شرح الصدور (385) نيل الأوطار (4/ 125) مجموع الفتاوى (24/ 371).
مع صهيب وابنته حفصة
(48)
رضى الله عنهم.
وأخرج عبد الرزاق من طريقه أن ابن عمر شهد جنازة رافع بن خديج فقال لأهله: "إن رافعًا شيخ كبير لا طاقة له بالعذاب، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"
(49)
.
والفريق الثاني: ردَّ حديث تعذيب الميت ببكاء الحي واحتج عليه بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(50)
.
وعلى رأس القائلين بِهذا عائشة رضى الله عنها -كما تقدم- وأبو هريرة
(51)
وهو ظاهر استدلال ابن عباس -كما تقدم- بقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}
(52)
كما ذهب إلى هذا الشافعى رحمه الله تعالى وجماعة من أصحابه كأبي حامد رحمه الله
(53)
وجزم الباقلاني وغيره بأن الراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه
(54)
واستدل بقول عائشة رضى الله عنها: يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسى أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يُبكى عليها فقال: "إنَّهم ليبكون عليها وإنَّها لتعذب في قبرها"
(55)
.
(48)
انظر ص (432).
(49)
أخرحه عبد الرزاق في مصنفه (3/ 556) ح (6678) وانظر الفتح (3/ 154).
(50)
سورة الأنعام. آية (164).
(51)
انظر فتح الباري (3/ 154) نيل الأوطار (4/ 125).
(52)
سورة النجم. آية (43) ووجه الاستدلال هو: أن العَبرة لا يملكها ابن آدم ولا تسبب له فيها فكيف يعاقب عليها فضلًا عن الميت. انظر فتح الباري (3/ 159، 160).
(53)
انظر: اختلاف الحديث للشافعى (163) وسنن الترمذى (تحفة 4/ 87) مجموع الفتاوى (24/ 370) فتح الباري (3/ 154) نيل الأوطار (4/ 125) شرح الصدور (385).
(54)
انظر: فتح الباري (3/ 154) نيل الأوطار (4/ 126).
(55)
تقدم تخريجه ص (434)