الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرى فقال له صلى الله عليه وسلم: "ذروها ذميمة".
- وأما القول الخامس والسادس فمتقاربان، غير أن الخامس فيه تفسير الشؤم وذكر صور معينة له بخلاف السادس فإنه لم يخص الشؤم بصور معينة وإنما ذكره مجملًا.
وتقدم أن هذا القول -أعنى السادس- هو أقرب الأقوال.
ثانيًا: مناقشة مذهب النسخ:
وأما دعوى النسخ فيُجاب عنها بما يلي:
1 -
أن النسخ لا يثبت بالاحتمال، بل يشترط فيه معرفة التاريخ حتى يتبيَّن المتقدم من المتأخر فينسخ بالمتأخر المتقدم.
2 -
أن من شروط النسخ تعذر الجمع وهو هنا غير متعذر.
3 -
أن نفى التطير وإثباته في الأشياء المذكورة قد اجتمعا في حديث واحد فكيف يُحتمل النسخ
(14)
.
ثالثًا: مناقشة مذهب الترجيح:
تقدم لنا أن مذهب الترجيح سلكه فريقان من الناس:
أحدهما: ردَّ أحاديث الشؤم كلها.
والآخر: ردَّ رواية الجزم فقط، وقدم عليها رواية التعليق.
أ - فأما الفريق الأول فيُجاب عن ترجيحه بما يلى:
1 -
أن إنكار عائشة رضى الله عنها لحديث: "الشؤم في ثلاث" متعقب فلا يُسلَّم لها، إذ لم يروه أبو هريرة فقط بل رواه عدد من الصحابة غيره كابن عمر وسهل بن سعد وجابر رضى الله عنهم.
(14)
انظر: فتح الباري (6/ 62).
قال ابن الجوزي: "الخبر رواه جماعة ثقات فلا يعتمد على ردها"
(15)
.
وقال ابن القيم: "والمقصود أن عائشة رضي الله عنها ردت هذا الحديث وأنكرته وخطأت قائله، ولكن قول عائشة هذا مرجوح، ولها رضى الله عنها اجتهاد في رد بعض الأحاديث الصحيحة خالفها فيه غيرها من الصحابة، وهى رضى الله عنها لما ظنت أن هذا الحديث يقتضي إثبات الطيرة التي هي من الشرك لم يسعها غير تكذيبه ورده.
ولكن الذين رووه ممن لا يمكن رد روايتهم، ولم ينفرد بِهذا أبو هريرة وحده -ولو انفرد به فهو حافظ الأمة على الإطلاق، وكل ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحيح- بل قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما وسهل بن سعد الساعدي وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهم وأحاديثهم في الصحيح، فالحق أن الواجب بيان معنى هذا الحديث ومباينته للطيرة الشركية"
(16)
.
وقال ابن حجر: "ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك"
(17)
.
2 -
وأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة في عدم سماعه حديث: "الطيرة في ثلاث .. " فضعيف لا يحتج به وعلى فرض صحته فإن غيره سمع، والله أعلم.
ب) وأما ما ذهب إليه الفريق الثاني فيُجاب عنه وعن أدلته بما يلى:
(15)
نقل ذلك عنه الزركشى في الإجابة ص (105).
(16)
مفتاح دار السعادة (3/ 336).
(17)
الفتح (6/ 61).
1 -
أن الترجيح لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع وهو هنا غير متعذر بحمد الله.
2 -
أن رواية الجزم جاءت من عدة طرق في الصحيحين عن الزهري عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر رضي الله عنه، ولها شاهد عند الطحاوي من طريق عتبة بن مسلم عن حمزة بن عبد الله عن أبيه
(18)
فلا سبيل إلى تغليط الراوي فيها أو وصفها بالشذوذ.
كما أنه لا منافاة بين رواية الجزم ورواية التعليق -كما تقدم- قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "لا يصح تغليطه مع إمكان حمله على الصحة، ورواية تعليقه بالشرط لا تدل على نفي رواية الجزم"
(19)
.
3 -
وأما استدلالهم بنفيه صلى الله عليه وسلم للطيرة وترغيبه في تركها فإنه حق لا مرية فيه، ولكن ليس فيه ما ينافي أحاديث الشؤم إذ أنه يمكن حملها على معنى صحيح -كما تقدم-.
4 -
وأما استدلالهم بحديث "لا شؤم وقد يكون اليُمن في ثلاثة .. " فقد أجاب عنه ابن حجر فقال: "في إسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة"
(20)
.
وقال ابن رجب عن هذا الحديث: "ولكن إسناد هذه الرواية لا يقاوم ذلك الإسناد"
(21)
يقصد أنه لا يقاوم إسناد حديث "الشؤم في ثلاث".
5 -
وأما استدلالهم بإنكار عائشة رضى الله عنها لحديث الشؤم فقد
(18)
انظر: شرح معاني الآثار (4/ 313) وإسناده صحيح. انظر السلسلة الصحيحة (2/ 726).
(19)
تيسير العزيز الحميد ص (429).
(20)
فتح الباري (6/ 62).
(21)
لطائف المعارف ص (90).