الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فذهب بعضهم إلى وصف اليد الأخرى بالشمال، وذهب الآخرون إلى المنع من ذلك، فالفريق الأول سلك مذهب الجمع، والفريق الثاني سلك مذهب الترجيح، وإليك بيان ذلك:
أولًا: مذهب الجمع:
سلك هذا المذهب من أثبت الشمال واليسار ليد الله تعالى، فأخذوا بالأحاديث التي فيها وصف يد الله تعالى بالشمال، وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم:"كلتا يديه يمين"، على أنه قاله على جهة التأدب، وذلك أنه لما كانت اليسار في حقِّنا أنقص من اليمين وأقل رتبةً منها بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ كلتا يدي الله تعالى يمين مباركة، ليس فيها نقص ولا عيب بوجه من الوجوه، فليست الشمال بالنسبة له كالشمال بالنسبة لنا.
وإلى هذا ذهب الإمام عثمان بن سعيد الدارمى وأبو يعلى الفراء ومحمد ابن عبد الوهاب وصديق حسن خان
(4)
، وإليك أقوالهم وأدلتهم:
قال الإمام الدارمى: "ولكن تأويله: "وكلتا يديه يمين" أي: منَزه عن النقص والضعف كما في أيدينا الشمال من النقص وعدم البطش، فقال: "كلتا يديه يمين" إجلالًا وتعظيمًا أن يوصف بالشمال، وكذلك لو لم يجز إطلاق الشمال واليسار لما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يجز أن يُقال: كلتا يدي الرحمن يمين لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم"
(5)
.
(4)
وكذلك الشيخ عبد العزيز بن باز. انظر مذكرة شرح كتاب التوحيد له ص (105).
والشيخ محمد خليل الهراس. انظر تعليقه على كتاب التوحيد لابن خزيمة (66) حاشية (4).
والشيخ عبد الله الدويش. انظر التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد (259) مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ عبد الله الدويش رقم (1).
والشيخ عبد الله الغنيمان. انظر شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (1/ 311، 314، 318، 319).
(5)
رد الإمام الدارمي على المريسى ص (513) مطبوع ضمن كتاب عقائد السلف.
وقال أبو يعلى الفراء بعد أن ذكر حديث أيى الدرداء
(6)
رضى الله عنه: "واعلم أن هذا الخبر يفيد جواز إطلاق القبضة عليه واليمين واليسار والمسح، وذلك غير ممتنع"
(7)
.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر باب من كتاب التوحيد في المسألة السادسة: "التصريح بتسميتها الشمال"
(8)
يعني ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وقد تقدم ذكره.
وقال صديق حسن خان: "ومن صفاته سبحانه: اليد، واليمين، والكف، والإصبع، والشمال .. "
(9)
.
أدلة هذا القول:
استدل أصحاب هذا القول بما يلى:
1 -
حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وفيه:"ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول .. "
(10)
رواه مسلم.
2 -
حديث أبي الدرداء رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله عز وجل آدم عليه السلام حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذريته سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي وقال للذي في يساره: إلى النار ولا أبالي"
(11)
.
(6)
سيأتي قريبًا.
(7)
إبطال التأويلات ص (176).
(8)
كتاب التوحيد ص (107).
(9)
قطف الثمر ص (66). ومراده رحمه الله بيان أن الله تعالى يوصف بأن له يد وكف وإصبع.
(10)
تقدم تخريجه ص (242).
(11)
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة. (2/ 466) ح (1059). والبزار كما في كشف الأستار (3/ 21) ح (2144) وقال: إسناده حسن.