الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الشرع: الشؤم والطيرة بمعنى واحد
(9)
ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " .. وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار"
(10)
فعبر بالطيرة عن الشؤم.
الفأل:
قال ابن الأثير: "الفأل: مهموز فيما يسر ويسوء والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء وربما استعملت فيما يسر.
ومعنى التفاؤل مثل أن يكون رجل مريض فيتفاءل بما يسمع من كلام فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد. فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته"
(11)
.
وقد خص الشرع الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة
(12)
.
وعلى هذا يكون معنى الفأل شرعًا: هو الكلمة الحسنة فقط فإن ترتب عليه إقدام أو إحجام فهو طيرة وليس بفأل.
ثانيًا: حكم الطيرة
تضافرت الأحاديث على نفي الطيرة وتحريمها وبيان بطلانها وأنها من الشرك، ومن ذلك: -
1 -
ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا
(9)
انظر فتح البارى (6/ 61)(10/ 213).
(10)
رواه أبو داود من حديث سعد بن مالك (عون 10/ 296)، ح (3914). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (4/ 742).
(11)
النهاية (3/ 406). وانظر لسان العرب (11/ 513).
(12)
انظر: الفتح (10/ 215).
طيرة وخيرها الفأل"
(13)
.
قال ابن القيم تعليقًا على هذا الحديث: "وهذا يحتمل أن يكون نفيًا وأن يكون نهيًا، أي: لا تطيروا، ولكن قوله في الحديث: "ولا عدوى ولا صفر ولا هامة"
(14)
يدل على أن المراد النفى وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفى في هذا أبلغ من النهى لأن النفى يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره والنهي إنما يدل على المنع منه"
(15)
.
ويمكن أن يكون النفي متضمنًا لمعنى النهى فيدل على كلا المعنيين: بطلان ذلك وعدم تأثيره، والنهي عنه والله أعلم.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود: "الطيرة شرك، الطيرة شرك -ثلاثًا- وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل"
(16)
.
قال الشيخ سليمان إن عبد الله: "قوله "الطيرة شرك" صريح في تحريم
(13)
سيأتي تخريجه ص (111).
(14)
تقدم تخريجه ص (78).
(15)
مفتاح دار السعادة (3/ 280).
(16)
أخرجه أبو داود (عون 10/ 288)، ح (3904)، والترمذي (تحفة 5/ 238)، ح (1663)، وابن ماجه (2/ 1170)، ح (3538)، وابن حبان في صحيحه (13/ 491)، ح (6122)، وأحمد (5/ 253) ح (3687)، وابن أبي شيبة في مسنده (1/ 182)، ح (265)، والطحاوى في شرح معاني الآثار (4/ 312)، وابن أبى الدنيا في التوكل (88)، ح (41، 42)، والحاكم (1/ 64، 65)، ح (43، 44) وقال: هذا حديث صحيح سنده، ثقات رواته ولم يخرجاه.
وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند، والألباني كما في صحيح سنن الترمذي (2/ 121)
وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان.
تنبيه:
في قوله "وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل"، نقل الترمذى عن سليمان بن حرب قوله عن هذه الجملة من الحديث: هذا عندى قول عبد الله بن مسعود" وصوَّب ذلك ابن القيم في مفتاح دار السعادة (3/ 281) وابن حجر في الفتح (10/ 213) ومعنى هذا أنها مدرجة في الحديث.
الطيرة وأنها من الشرك لما فيها من تعلق القلب على غير الله"
(17)
.
والأدلة في هذا كثيرة وشهيرة وقد ذكرت ما به يحصل المقصود، وسيأتي مزيد منها في ثنايا البحث إن شاء الله تعالى.
* * *
(17)
تيسير العزيز الحميد ص (438).