الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض
*
أولًا: ما جاء في إياس الشيطان من أن يعبد في جزيرة العرب:
- عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"
(1)
.
*
ثانيًا: ما جاء في وقوع الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى:
- عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة
(2)
"
(3)
.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى"
(4)
.
بيان وجه التعارض
في الحديث الأول ما ظاهره أن الشيطان قد أيس من وقوع الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى من الأصنام والأوثان وغيرهما.
وفي المقابل نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر -كما في الحديثين الأخيرين- بوقوع الشرك والكفر وعبادة الأصنام والأوثان.
(1)
أخرجه مسلم في كتاب: صفات المنافقين، باب: تحريش الشيطان (17/ 162) ح (2812).
(2)
ذو الخلصة: صنم كانت دوس تعبده في الجاهلية. انظر: مسلم بشرح النووي (18/ 250).
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الفتن، باب: تغير الزمان حتي تعبد الأوثان (6/ 2604) ح (6699). ومسلم: كتاب الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتي تعبد دوس ذا الخلصة (18/ 249) ح (2906).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتي تعبد دوس ذا الخلصة (18/ 250) ح (2907).
وأيضًا فإن الواقع يؤيد ذلك فنحن نرى تعدد القبور والأضرحة التي تزار ويُطاف عليها وتعبد من دون الله تعالى .. والله المستعان.
فإذا كان الأمر كذلك فما هو المخرج من هذا التعارض الظاهري؟
هذا ما سوف يتضح في المطالب التالية.
تنبيه:
المراد بعبادة الشيطان في حديث جابر: عبادة الصنم وغيره بدليل قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} وإنما جعل عبادة الصنم عبادة الشيطان لأنه الآمر به والداعي إليه
(5)
.
قال الشيخ عبد الله أبا بطين: "ومن أطاع الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع الشرك لقوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
(6)
أي: لا تطيعوه فعبادته طاعته"
(7)
.
* * *
(5)
انظر: شرح الطيبي (1/ 208).
(6)
سورة يس. آية: (60).
(7)
الدرر السنية (12/ 118).