الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال القاضي عياض بعد ذكره لكلام الخطابي: "وهذا هو ظاهر الحديث"
(17)
:
وقال النووي: "والظاهر من معني الحديث ما اختاره الخطابي ومن وافقه كما تقدم .. وأما تطبب النبي صلى الله عليه وسلم ففعله ليبين لنا الجواز والله أعلم"
(18)
.
قال ابن حجر: "ولا يرد على هذا وقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فعلًا وأمرًا لأنه كان في أعلى مقامات العرفان ودرجات التوكل فكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز، ومع ذلك فلا ينقص ذلك من توكله لأنه كان كامل التوكل يقينًا فلا يؤثر فيه تعاطى الأسباب شيئًا، بخلاف غيره ولو كان كثير التوكل"
(19)
.
القول الثالث:
-
ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيم واختاره ونصره الشيخ سليمان بن عبد الله، وهو التفريق بين فعل الرقية وبين طلبها، ففعل الرقية سواء بنفسه أو بغيره فضل وإحسان، وطلبها مكروه قادح في التوكل.
واستدل رحمه الله بما يلى:
1 -
ما ورد في حديث السبعين ألفًا حيث جاء بلفظ "ولا يسترقون" وذلك لأن هذه الصيغة فيها معني الطلب، أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم لأن وزن "استفعل بمعني طلب الفعل مثل: استغفر أي طلب المغفرة"
(20)
.
(17)
كتاب الإيمان من إكمال المعلم (2/ 899).
(18)
مسلم بشرح النووي (3/ 92). وقارن بينه وبين كلامه في (14/ 419).
(19)
الفتح (10/ 212).
(20)
القول المفيد على كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ محمد العثيمين (1/ 97)، وانظر بدائع الفوائد (2/ 172).
2 -
أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رقى نفسه وغيره ولم يثبت عنه أنه كان يسترقى، وحاله صلى الله عليه وسلم أكمل الأحوال.
3 -
أن هناك فرقًا بين الراقى والمسترقي: فالمسترقي سائل مستعطٍ ملتفت إلى غير الله بقلبه والراقي محسن نافع وقد قال صلى الله عليه وسلم وقد سُئِل عن الرقى: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه"
(21)
.
وأما ما ورد في صحيح مسلم من رواية سعيد بن منصور: "ولا يرقون" فقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّها وهم وغلط من الراوي فقال رحمه الله: "وقد رُوي فيه "ولا يرقون" وهو غلط، فإن رقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقى نفسه وغيره ولم يكن يسترقى، فإن رقيته نفسه وغيره من جنس الدعاء لنفسه ولغيره، وهذا مأمور به فإن الأنبياء كلهم سألوا الله ودعوه كما ذكر الله ذلك في قصة آدم وإبراهيم وموسى، وغيرهم"
(22)
.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجعل ترك الإحسان المأذون فيه سببًا للسبق إلى الجنان، وهذا بخلاف ترك الاسترقاء فإنه توكلٌ على الله ورغبة عن سؤال غيره ورضاءٌ بما قضاه، وهذا شىء وهذا شىء"
(23)
.
وقال الألباني عن رواية "لا يرقون": "شاذة تفرد بِها شيخ مسلم سعيد بن منصور"
(24)
.
(21)
انظر مفتاح دار السعادة (3/ 279).
(22)
مجموع الفتاوى (1/ 182) وانظر (1/ 328).
(23)
مفتاح دار السعادة (3/ 279) وانظر حادي الأرواح ص (176).
(24)
مختصر صحيح مسلم ص (37) حاشية (1) وانظر السلسلة الصحيحة (1/ 435) وكذا حكم عليها بالشذوذ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لرياض الصالحين ص (77) حاشية (2).