الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني مذاهب العلماء تجاه هدا التعارض
سلك أهل العلم في نصوص رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج ثلاثة مذاهب وهى: مذهب الجمع ومذهب الترجيح والمذهب الثالث: التوقف.
وإليك بيان ذلك:
أولًا: مذهب الجمع:
وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر عليهما رحمة الله، وذلك بحمل ما جاء عن عائشة رضي الله عنها على إنكار رؤية العين.
وحمل ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما على إثبات رؤية الفؤاد، خاصة وأنه صرَّح بذلك في بعض الروايات كما تقدم، وأما ما ورد عنه من الروايات المطلقة -كما سيأتي- فمحمولة على الروايات المقيدة بالفؤاد.
قال شيخ الإسلام: "والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مطلقة أو مقيدة بالفؤاد .. ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه"
(1)
.
وقال ابن حجر: "الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب"
(2)
.
ثانيًا: مذهب الترجيح:
وقد سلكه فريقان من الناس:
الفريق الأول: وهم الذين أثبتوا الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن عباس
(3)
(1)
مجموع الفتاوى (6/ 509).
(2)
فتح الباري (8/ 608).
(3)
ستأتي الرواية عنه قريبًا ص (310 - 311).
وأنس بن مالك
(4)
وأبي ذر
(5)
وأبي هريرة
(6)
وحكى عن ابن مسعود
(7)
وعروة ابن الزبير
(8)
والحسن البصري
(9)
وكان يحلف على أن محمدًا رأى ربه، وكعب الأحبار
(10)
وعكرمة
(11)
وعبد الله بن الحارث بن نوفل
(12)
والزهري
(13)
وإبراهيم التيمى
(14)
ومعمر بن راشد
(15)
وسائر أصحاب ابن عباس
(16)
وأحمد ابن حنبل
(17)
والطبري
(18)
وابن خزيمة
(19)
وأبي الحسن الأشعري
(20)
وأبي يعلى الفراء
(21)
والهروي
(22)
والنووي
(23)
وغيرهم.
(4)
ستأتي الرواية عنه قريبًا ص (312).
(5)
ستأتي الرواية عنه قريبًا ص (312).
(6)
ستأتي الرواية عنه قريبًا ص (312).
(7)
انظر: الشفا للقاضي عياض (1/ 260) مسلم بشرح النووي (3/ 7).
(8)
انظر فتح الباري (8/ 608).
(9)
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 488).
(10)
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 496) والدارقطني في الرؤية (307، 308).
(11)
أخرجه الطبري في التفسير (12/ 510) وأخرجه الآجرى في الشريعة (3/ 1546) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 571).
(12)
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 518).
(13)
انظر فتح الباري (8/ 608).
(14)
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 517).
(15)
انظر فتح الباري (8/ 608) التوحيد لابن خزيمة (2/ 562).
(16)
انظر فتح الباري (8/ 608).
(17)
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 574) وانظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة للأحمدي. (2/ 145).
(18)
نقل ذلك عنه ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 110، 111).
(19)
انظر كتاب التوحيد له (563).
(20)
نقل هذا عنه القاضي عياض في الشفا (1/ 261) وابن العربي في عارضة الأحوذي (12/ 120) والقرطبي في المفهم (1/ 402) والنووى في شرحه لمسلم (3/ 7) والحافظ في الفتح (8/ 608).
(21)
انظر إبطال التأويلات له (1/ 111، 112).
(22)
انظر الأربعين في دلائل التوحيد له (81).
(23)
انظر مسلم بشرح النووي (3/ 9) البداية والنهاية لابن كثير (3/ 111).
وقبل ذكر أدلة هذا الفريق يحسن التنبيه على أن هؤلاء كلهم جاءت ألفاظهم في إثبات الرؤية مطلقة أو مقيدة بالفؤاد، بل إن بعضهم كأبي ذر وعبد الله بن الحارث بن نوفل وإبراهيم التيمى صرحوا بنفى الرؤية البصرية وإثبات الرؤية القلبية، ولم يصرح بالرؤية البصرية من هؤلاء إلا المتأخرون منهم كالطبري وابن خزيمة وأبى الحسن الأشعري وأبى يعلى الفراء والهروي والنووي
(24)
.
وأما قول البغوي رحمه الله في تفسيره: "وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه وهو قول أنس والحسن وعكرمة قالوا: رأى محمد ربه"
(25)
فليس عليه مستند سوى ما ذكره عنهم أنَّهم قالوا: رأى محمد ربه، وهذا ليس صريحًا في إثبات الرؤية البصرية، ولذلك نقل ابن كثير كلام البغوي هذا وقال:"فيه نظر"
(26)
.
ومثله ما نسبه القرطبي
(27)
والنووي
(28)
إلى ابن عباس وأبى ذر وأبي هريرة من أنَّهم يقولون بالرؤية البصرية، فإن هذا ليس عليه مستند صحيح لأن الروايات عنهم -كما سيأتي- جاءت إما مطلقة وإما مقيدة بالفؤاد، ولم يأت شيء منها مقيد بالبصر.
(24)
وأما ما نسبه بعضهم كالقرطبي في المفهم (1/ 404، 402) وابن حجر في الفتح (8/ 608) إلى الإمام أحمد من أنه يقول بالرؤية البصرية فغير صحيح عن أحمد رحمه الله، فإنه لم يثبت عنه إلا أحد أمرين: إما إطلاق الرؤية وإما تقييدها بالفؤاد، وأما تقييدها برؤية العين فلم تثبت عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"لم يقل أحمد رحمه الله تعالى أنه رآه بعيني رأسه يقظة، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه، ولكن قال مرة: رآه، ومرة قال: رآه بفواده، فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك" نقل ذلك عنه ابن القيم في زاد المعاد (3/ 37) وانظر: مجموع الفتاوى (6/ 509) بغية المرتاد (470) التبيان في أقسام القرآن لابن القيم (257 - 261) المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة للأحمدي (2/ 145 - 151).
(25)
معالم التنْزيل (4/ 247).
(26)
تفسير القرآن العظيم (4/ 387).
(27)
انظر: المفهم (1/ 402).
(28)
انظر: مسلم بشرح النووي (3/ 7).