الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للحديث الواحد، رأيت حصر هذه الأحاديث الأصلية دون النظر إلى كثرة الطرق التي تتبعها، فأعطيتها رقمًا مسلسلًا من أول الكتاب إلى آخره وبذلك بلغت عدة الأحاديث الأصلية في "صحيح مسلم":(3033).
ثم قال رحمه الله تعالى: "وهو عمل ما سبقنى إليه أحد من جميع المشتغلين بهذا "الصحيح" إذ كان جل جهدهم أن يطلقوا عددًا ما ورقمًا تخمينًا وارتجالًا لا يرتكز على أساس سليم، فجئت أنا بهذا الحصر كي أضع حدًّا حاسمًا فاصلًا لهذا الإضطراب والبلبلة ولله الحمد"
(36)
.
- وأما عدد أحاديث الصحيح بالمكرر فقد بلغت (5770) حديثًا عدا أحاديث المقدمة وفيها سبعة أحاديث أصول في عد الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، وعدا المتابعات والشواهد - وأما المتابعات والشواهد فقد بلغ عددها مفردةً (1615) حديثًا عدا المقدمة وفيها ثلاثة أحاديث.
- وعلى ضوء ما سبق يكون عدد أحاديث صحيح مسلم بالمكرر ومع الشواهد والمتابعات (7385) حديثًا عدا أحاديث المقدمة وهي عشرة
(37)
.
ج) الأحاديث المنتقدة على البخاري ومسلم:
مما لا شك فيه أن البخاري ومسلم عليهما رحمة الله لم يستوعبا في صحيحيهما كل الأحاديث الصحيحة، ولم يلتزما بذلك، كما نص على ذلك جمع من أهل العلم والحديث
(38)
، بل إن البخاري ومسلمًا قد نصا على ذلك
(36)
خاتمة صحيح مسلم (5/ 601) طبعة محمد فؤاد عبد الباقي.
(37)
انظر الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح (1/ 395).
(38)
انظر: شروط الأئمة الخمسة للحازمي (62 - 66) مقدمة ابن الصلاح (21) التقريب للنووي مطبوع مع شرحه تدريب الراوي (1/ 80) مسلم بشرح النووي (1/ 134) اختصار علوم الحديث لابن كثير مطبوع مع شرحه الباعث الحثيث (23) فتح المغيث (1/ 44 - 45).
أيضًا كما تقدم
(39)
.
- وبناءً على هذا فإن إلزام الدارقطنى وغيره لهما بإخراج أحاديث صحيحة قد تركاها مع أنها على شرطهما ليس بلازم.
قال النووي رحمه الله تعالى: "وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة، فإنَّهما لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما بأنَّهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله، لا أنه يحصر جميع مسائله"
(40)
.
وقال السخاوي: "ولكنهما لم (يعُمَّاه) أي يستوعبا كل الصحيح في كتابيهما، بل لو قيل: إنَّهما لم يستوعبا مشروطهما لكان موجهًا، وقد صرح كل منهما بعدم الإستيعاب .. وحينئذ فإلزام الدارقطنى لهما في جزء أفرده بالتصنيف بأحاديث رجال من الصحابة رُويت عنهم من وجوه صحاح، تركاها مع كونِها على شرطهما، وكذا قول ابن حبان: ينبغى أن يُناقش البخاري ومسلم في تركهما إخراج أحاديث هى من شرطهما: ليس بلازم"
(41)
.
- وأما الأحاديث المنتقدة عليهما من الدارقطني وغيره من النقاد فعددها (210) أحاديث انفرد البخاري منها بـ (78) حديثًا، وانفرد مسلم بـ (100) حديث واشتركا جميعًا بـ (32) حديثًا
(42)
.
وقد انتدب لها عدد من العلماء والحفاظ فأجابوا عنها بإجابات إجمالية -عن الأحاديث كلها- وأخرى تفصيلية وذلك بالجواب عن كل حديث على
(39)
انظر: ص (58) وص (63).
(40)
مسلم بشرح النووي (1/ 134).
(41)
فتح المغيث (44 - 45).
(42)
انظر هدي الساري (346).
حدة، ومن أشهر من تعرض لذلك الإمام النووي في شرحه لمسلم، والحافظ ابن حجر في هدي الساري.
غير أنَّهما -وغيرهما من أهل العلم والحديث- قد استثنيا عددًا قليلًا من هذه الأحاديث المنتقدة يصعب الجواب عنها لأن الحق فيها والصواب مع النقاد.
قال الإمام ابن الصلاح بعد تقريره لصحة ما في كتابي البخاري ومسلم، وأن الأمة قد تلقت ما فيهما بالقبول قال:"إذا عرفت هذا فما أخذ عليهما من ذلك وقدح فيه معتمد من الحفاظ، فهو مستثنى مما ذكرناه لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول، وما ذلك إلا في مواضع قليلة"،
(43)
.
وقال النووي بعد ذكره لمن انتقد بعض أحاديث الصحيحين: "وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره"
(44)
.
قال ابن حجر تعليقًا على كلام النووي: "هو الصواب، فإن منها ما الجواب عنه غير منتهض"
(45)
.
وقال أيضًا: بعد جوابه عن كل الأحاديث المنتقدة على البخاري: "هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد، المطلعون على خفايا الطرق، وليس كلها من أفراد البخاري بل شاركه مسلم في كثير منها .. وليست كلها قادحة، بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مندفع، وبعضها الجواب عنه محتمل، واليسير منه في الجواب عنه تعسف"
(46)
.
وهذا الكلام من الحافظ ابن حجر رحمه الله غاية في الدقة والإنصاف
(43)
صيانة صحيح مسلم (87).
(44)
مسلم بشرح النووي (1/ 137).
(45)
هدى السارى (346).
(46)
المرجع السابق (383).
والتجرد من التعصب والهوى والإفراط فحسبك به من إمام حافظ ناقد بصير.
وختامًا فإنه لا يضير الصحيحين ما انتقد عليهما ولا ينقص ذلك من شأنهما وقدرهما بل إذا قلنا: إن ذلك لا يزيدهما إلا مكانة وشرفًا ورفعة وقدرًا، لما كان ذلك بعيدًا، لأننا إذا علمنا أنَّهما قد اشتملا على أحاديث كثيرة -تعد بالألوف- ولم يشكل منها إلا هذا النَّزر اليسير من الأحاديث ازددنا يقينًا بجلالتهما وعظيم مترلتهما.
قال ابن حجر بعد ذكره للأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري والجواب عنها: "فإذا تأمل المنصف
(47)
ما حررته من ذلك: عظم مقدار هذا المصنف في نفسه وجل تصنيفه في عينه، وعذر الأئمة من أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم"
(48)
.
* * *
(47)
في الأصل (المصنف) هكذا ولعل الصواب ما أثبته، والله أعلم.
(48)
هدي الساري (383).