الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو لقلة المعرفة بالصناعة، ففى الكتاب من هذا النمط شىء كثير، وحينئذ يتبين السبب في تفاوت ما بين العددين والله الموفق"
(22)
.
ثانيًا: صحيح مسلم:
وسأتناول التعريف به من خلال ثلاثة أمور:
1 - التسمية الكاملة لهذا الكتاب:
لم ينص الإمام مسلم رحمه الله فِى كتابه هذا على اسمه ولكن وردت عنه تسميته في خارج الصحيح بعنوان: (الصحيح المسند)
(23)
.
وأما التسمية المشهورة لهذا الكتاب عند أهل العلم وغيرهم فهي: (صحيح مسلم).
2 - منهج الإمام مسلم وطريقته في كتابه:
لقد اقتفى مسلم رحمه الله -في تصنيف كتابه هذا- أثر البخاري رحمه الله فنهج نهجه واستفاد منه حتى أصبح كتابه هو المقدم بعد صحيح البخاري بل لا يكاد يذكر صحيح البخاري إلا ويذكر صحيح مسلم معه. ولا عجب فإن البخاري شيخه وأستاذه قال الخطيب البغدادي: "إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وأدام الاختلاف إليه"
(24)
.
وقال النووي: "وقد صح أن مسلمًا كان ممن يستفيد من البخاري
(22)
هدي الساري (477).
(23)
انظر: تاريخ بغداد (13/ 102) شذرات الذهب لابن العماد (2/ 144) الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح لمشهور آل سلمان (1/ 239، 352).
(24)
تاريخ بغداد (13/ 103).
ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث"
(25)
.
كما أن مسلمًا رحمه الله تعالى قد تأثر بشيخه البخاري في شدة الدقة والتحري والاجتهاد في التثبت والتوثق يدل على ذلك:
- أنه اختار أحاديث كتابه اختيارًا دقيقًا من بين عدد كبير من الأحاديث قال رحمه الله تعالى: "صنفت هذا السند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة"
(26)
.
- أنه استغرق في تصنيف كتابه هذا وقتًا طويلًا، كما نقل ذلك تلميذه أحمد بن سلمة فقال:"كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة"
(27)
.
- أنه التزم الصحة فيما يخرجه من الأحاديث فقال رحمه الله تعالى: "ليس كل شىء عندي صحيح وضعته هاهنا إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه"
(28)
.
- إلا أنه رحمه الله تعالى نزل في شرطه عن البخاري فلم يشترط إلا المعاصرة مع إمكان اللقيا
(29)
.
- كما أنه لم يذكر تراجم الأبواب -كما فعل البخاري- بل سرد الأحاديث بعد المقدمة سردًا
(30)
.
وأما الأبواب الموجودة في النسخ المطبوعة فليست من صنيع المؤلف، وإنما
(25)
مسلم بشرح النووي (1/ 120).
(26)
تاريخ بغداد (13/ 102).
(27)
سير أعلام النبلاء (12/ 566).
(28)
مسلم بشرح النووي (4/ 365).
(29)
انظر: مسلم بشرح النووي (1/ 244 - 245).
(30)
انظر صيانة صحيح مسلم (103) مسلم بشرح النووي (1/ 129).
هي من صنيع بعض شراح الصحيح، وأهمهم في ذلك النووي فقد قال رحمه الله تعالى:"وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيد وبعضها ليس بجيد، إما لقصور في عبارة الترجمة، وإما لركاكة لفظها، وإما لغير ذلك، وأنا إن شاء الله أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بِها في مواطنها"
(31)
.
ومن الجدير بالذكر أن مسلمًا هو الذي وضع عناوين الكتب الرئيسة في صحيحه، ولذلك فإن لها ذكرًا في كتب الأقدمين
(32)
، وأما الأبواب والتراجم التفصيلية فلم يضع شيئًا منها كما تقدم.
- وقد بلغت عدد الكتب في صحيح مسلم (54) كتابًا وذلك حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.
وأما الأبواب فقد بلغت -على تعداد محمد فؤاد عبد الباقي تبعًا لتبويب النووي-: (1329) بابًا، عدا أبواب المقدمة
(33)
.
- وقد تميز مسلم عن البخاري بميزة فريدة وهي أنه يجمع طرق الحديث في مكان واحد ولا يكررها -غالبًا- ولا يقطعها ولا يفرقها بين الكتب والأبواب، بخلاف البخاري رحمه الله تعالى فإنه يقطع الحديث الواحد حسب مواضيعه، فيضعه في موضعين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك؛ مما يشكل صعوبة كبيرة في الحصول على كامل الحديث.
قال النووي: "وقد انفرد مسلم بفائدة حسنة وهي كونه أسهل متناولًا من حيث إنه جعل لكل حديث موضعًا واحدًا يليق به، جمع فيه طرقه التي
(31)
مسلم بشرح النووي (1/ 129) بتصرف يسير.
(32)
انظر الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح (1/ 388).
(33)
المرجع السابق (1/ 392 - 393).