الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني مذاهب العلماء تجاه هذا التعارض
مما لا شك فيه ولا ريب أن التفاضل بين الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ثابت وموجود، كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة الصريحة، ومن ذلك:
- قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}
(1)
.
- وقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}
(2)
.
ففي الآية الأولى دليل على وجود المفاضلة بين الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن بعضهم أفضل من بعض
(3)
، ولذلك قال النووي رحمه الله:"ولا بد من اعتقاد التفضيل"
(4)
ثم ذكر هذه الآية.
وفي الآية الثانية دليل على وجود المفاضلة بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأن بعضهم أفضل من بعض
(5)
.
- وقد أجمع العلماء على أن الرُّسُل أفضل من الأنبياء، كما نقل ذلك ابن كثير والسفاريني عليهما رحمة الله.
(1)
سورة البقرة، آية (253).
(2)
سورة الإسراء، آية (55).
(3)
انظر: تفسير الطبري (3/ 3) تفسير ابن كثير (1/ 454) فتح القدير للشوكاني (1/ 268) تيسير الكريم الرحمن للسعدي (1/ 310).
(4)
مسلم بشرح النووى (15/ 43).
(5)
انظر: تفسير البغوي (3/ 120) تفسير ابن كثير (3/ 77) تيسير الكريم الرحمن (4/ 289).
قال ابن كثير رحمه الله: "ولا خلاف أن الرسل أفضل من بقية الأنبياء"
(6)
.
وقال السفاريني: "والرسول أفضل من النبي إجماعًا، لتميزه بالرسالة التي هي أفضل من النبوة"
(7)
.
- كما أجمعوا على أن أولي العزم أفضل الرُّسُل، قال ابن كثير رحمه الله:"ولا خلاف أن أولي العزم منهم -يعني من الرسل- أفضلهم"
(8)
.
وأولوا العزم من الرسل هم: محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وهم المذكورون في قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}
(9)
.
(10)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبياءه هم المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم"
(11)
.
(6)
تفسير ابن كثير (3/ 77).
(7)
لوامع الأنوار (1/ 49 - 50).
(8)
تفسير ابن كثير (3/ 77) بتصرف يسير.
(9)
سورة الأحزاب. آية (7).
(10)
سورة الشورى. آية (13).
(11)
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (8).
- وأجمعوا أيضًا على أن نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق بما في ذلك أولوا العزم، كما دلت على ذلك الأحاديث المتقدمة
(12)
وغيرها.
قال ابن كثير بعد ما ذكر أن أولي العزم أفضل الرسل: "ولا خلاف أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضلهم"
(13)
.
وقد تواردت عبارات أهل العلم في تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على حميع الخلائق.
فقد عقد الآجري رحمه الله تعالى في كتاب الشريعة بابًا بعنوان: "باب: ما فضل الله عز وجل به نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا من الكرامات على جميع الأنبياء عليهم السلام"
(14)
.
وعقد النووي رحمه الله تعالى -في شرحه لمسلم- بابًا بعنوان: "باب: تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق"
(15)
.
وجاء عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: "خيار ولد آدم خمسة: نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم وصلى عليهم أجمعين وسلم"
(16)
.
إذا تبين هذا -وهو ثبوت المفاضلة بين الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام- فاعلم أن خلاف أهل العلم إنما هو في توجيه أحاديث النهي عن
(12)
انظر ص (563).
(13)
تفسير ابن كثير (3/ 77).
(14)
الشريعة (3/ 1552).
(15)
مسلم بشرح النووي (15/ 42).
(16)
رواه البزار كما في كشف الأستار (4/ 113) ح (2368) وقال الهيثمي في المجمع (8/ 255): رجاله رجال الصحيح، ورواه الحاكم -أيضًا- في مستدركه بمعناه (2/ 595) ح (4007) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وإن كان موقوفًا على أبي هريرة، ووافقه الذهبي.