الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله أولًا وأخرًا وظاهرًا وباطنًا على تيسيره وتسهيله وإعانته وتوفيقه في إنجاز هذا البحث -المتواضع- الذي لا أدعي فيه التمام والكمال، ولكن حسبي أني قد بذلت فيه قصارى جهدي ووسع طاقتي، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده -الذي لا حول ولا قوة لي إلا به- وما كان فيه من خطأ أو زلل أو تقصير فمني ومن الشيطان، واستغفر الله تعالى وأتوب إليه.
وفيما يلي عرض مختصر لأهم نتائج هذا البحث:
- أن التعارض الحقيقي بين النصوص الصحيحة لا يمكن أن يكون بحال، وأن التعارض المتوهم بين النصوص إنما هو في نظر المجتهد وفهمه.
- أن مسالك دفع التعارض المتوهم عند جمهور أهل العلم على هذا الترتيب الجمع أولًا ثم النسخ ثانيًا ثم الترجيح ثالثًا ثم التوقف.
- أن أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى هما صحيحا البخاري ومسلم عليهما رحمة الله كما قرر ذلك جمع من أهل العلم، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك.
- أن العدوى ثابتة وموجودة، وأنَّها من الأسباب التي جعلها الله سببًا لانتقال المرض، وأن المراد بنفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى إنما هو نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن المرض يُعدي بطبعه.
- أن الشؤم شؤمان: أحدهما محرم، والآخر جائز، فالمحرم هو ما كان عليه أهل الجاهلية ويكون قبل إقدامهم على الشيء، أو بعده ولكن عند حصول أدنى ضرر منه، كما أنهم يعتقدون في المتطير منه أنه مؤثر بذاته، وأنه
سبب في جلب النفع ودفع الضر.
وأما الشؤم الجائز فهو الذي يكون بعد وقوع الضرر وتكرره كما أنه يكون لصفة موجودة في الشيء المتشائم منه، ثم إن الأثر المترتب على هذا الشؤم هو ترك الشيء المتشائم منه، مع اعتقاد أن الضر والنفع بيد الله سبحانه، وأن هذه الأشياء ليس لها بنفسها تأثير، وإنما شؤمها ما يقدره الله فيها من الشر.
- أن حكم الرقية يختلف باختلاف حال الراقي والمرقي والمرقى به:
فإذا كانت الرقية بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الكلام الحسن فهي مندوبة في حق الراقي وجائزة في حق المرقي ومكروهة في حق المسترقي.
وإذا كانت الرقية بغير الكتاب والسنة أو تخلف شرط من شروطها فهي محرمة ممنوعة، وقد تصل إلى الشرك والكفر.
- أن الكي يعتريه ثلاثة أحكام: الجواز والكراهة والتحريم:
فهو جائز إذا دعت الحاجة إليه، ولم يمكن الاستغناء عنه بغيره مع اعتقاد أن الشفاء بيد الله تعالى، وأن الكي مجرد سبب فقط.
وهو مكروه إذا فعله مع إمكان الاستغناء عنه بغيره، أو فعله قبل نزول البلاء والمرض.
وهو محرم إذا صاحبه غلوٌّ في نسبة الشفاء إليه لما فيه من الالتفات إلى السبب المخلوق.
- أن الحلف بغير الله تعالى محرم، وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم مما ظاهره حلفه بغير الله تعالى فهو ضعيف أو منسوخ.
- أنه يحرم إطلاق لفظ الرب على السيد بدون إضافة، وأما مع الإضافة فيجوز في حالتين، ويحرم في ما عداهما، وهاتان الحالتان هما:
أ - إذا كانت الإضافة إلى مالا تعبد عليه من سائر الحيوان والجماد.
ب - إذا كان إطلاقها على سبيل الوصف والإخبار من الغير.
- أنه يكره أن يقول العبد لسيده: مولاي.
- أنه يكره أن يقول السيد لعبده وأمته: عبدي وأمتي، وأما استعمال هذه الألفاظ من الغير للتعريف والإخبار والوصف فجائز.
- أنه يكره أن يجمع بين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في ضمير واحد.
- أن كلتا يدي الله تعالى يمين، وأما ما ورد فيه وصف إحدى يدي الله تعالى بالشمال فضعيف.
- أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى على نوعين: أحدهما: الرحمة المضافة إلى الله تعالى إضافة صفة إلى الموصوف بها، وهذه بلا شك صفة لله تعالى.
وثانيهما: الرحمة المضافة إلى الله تعالى إضافة مفعول إلى فاعله فهذه رحمة مخلوقة لله وليست صفة له.
- أن مما جاء في الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة إثبات قرب الله تعالى ومعيته لخلقه وأن ذلك لا ينافي علوه وفوقيته لأنه تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
- أنه صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه تعالى ببصره في ليلة المعراج، وإنما رآه بفؤاده، وأنه لم يثبت عن أحد من الصحابة القول بالرؤية البصرية، وأما الذين قالوا إنه رآه ببصره من أهل العلم فليس لهم مستند على ذلك إلا ما فهموه من الروايات المطلقة عن بعض الصحابة كابن عباس وغيره.
- أن القول الصحيح في أحاديث الوعد، وكذلك أحاديث الوعيد المتعلقة بأحكام الآخرة هو إطلاقها كما جاءت، وحملها على ظاهرها، واعتقاد أن
الأعمال التي رُتب عليها الوعد أو الوعيد سبب وموجب لتحققها، لكن لا يُحكم على معين بتحقق الوعد أو الوعيد فيه حتى تتوفر فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع.
- وأما أحاديث الوعيد المتعلقة بأحكام الدنيا فإنه لا يصح حملها على الكفر المخرج من الملَّة لأن الإجماع منعقد على عدم كفر مرتكب الكبيرة ما لم تكن شركًا أو يكون مستحلًّا لها.
وعلى هذا يكون الكفر الذي ورد إطلاقه على مرتكب الكبيرة: المراد به الكفر الأصغر، ويكون المراد بالإيمان المنفي عمن ارتكب بعض الكبائر: الإيمان الواجب، ويكون المراد بالبراءة من أصحاب الكبائر -الواردة في الأحاديث-: معناها: أي ليس من المؤمنين الإيمان الواجب الذي به يستحقون الثواب بلا عقاب.
- أن الجمع بين ما ورد في سدرة المنتهى من أنها في السماء السادسة، وما ورد من أنها في السماء السابعة هو القول بأن أصلها في السادسة، ومعظمها كأغصانها وفروعها في السابعة.
- أن ابن صياد ليس هو المسيح الدجال الذي يقتله عيسى بن مريم عليه السلام وإنما هو دجال من الدجاجلة.
- أن الدخان -الذي هو من علامات الساعة- الوارد في النصوص يمكن حمله على دخانين: أحدهما: ما أصاب قريشًا من الجهد والجوع عندما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح الواحد منهم ينظر إلى السماء فيرى كهيئة الدخان.
وثانيهما: دخان يكون قرب قيام الساعة، وهو من علاماتها وأماراتها،
لم يأتِ بعد.
- أن ما ورد من الأحاديث في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه يمكن حملها على أشخاص وحالات مختلفة فلا تحصر أو تخص في حالة معيَّنة مع الاعتقاد الجازم بان الله تعالى لا يعذب أحدًا بذنب غيره.
- أن النساء من بني آدم أقل من الرجال في الجنة، وأما إذا انضم إليهن الحور العين فإن مجموعهن أكثر من الرجال.
- أن صلة الرحم سبب في زيادة العمر، والله تعالى هو الذي قدَّر السبب والمسبب، فمن علم الله أنه سيصل رحمه زاد في أجله، ومن علم منه خلاف ذلك نقص في أجله.
- أن كتابة الشقاوة والسعادة على الإنسان قبل أن يولد حق لا مرية فيه، ولكن ليس في ذلك ما ينافي كون المولود يولد على الإسلام، لأن المراد بكتابة الشقاوة والسعادة إنما هو باعتبار المآل والخاتمة، وهذا لا يمنع من أن يكون قبل ذلك مولودًا على الإسلام.
- أن الشر الذي يخلقه الله تعالى ليس شرًّا بالنسبة إليه، لأنه صادر عن حكمة بالغة، فقضاء الله وقدره كله خير لا شر فيه بوجه من الوجوه، وإنما يكون الشر في المقضي الذي هو مفعوله ومخلوقه، ففرق بين فعل الله الذي هو فعله فإنه كله خير، وبين مفعولاته ومخلوقاته فإن فيها الخير والشر.
- أن أولاد المشركين يُمتحنون في الآخرة فيُرسل إليهم رسول فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
- أن الضابط في حكم استعمال (لو) هو: أنَّها بحسب الحال الباعث عليها، فإن كان الباعث عليها الضجر والحزن، أو الاعتراض على قضاء الله
وقدره وشرعه، أو تمني الشر فإن استعمالها يكون محرمًا مذمومًا، وإن كان الباعث عليها محبة الخير والرغبة فيه، أو الإرشاد والتعليم وبيان ما ينبغى فعله، كان استعمالها جائزًا، بل قد يكون محمودًا.
- أن التفاضل بين الأنبياء والرسل ثابت وموجود، وبه صرَّح القرآن، وعليه أجمع أهل العلم، وأما تفضيل بعضهم على بعض على وجه التعيين -أي تعيين الفاضل والمفضول- فإنه لا بد فيه من دليل يدل على ذلك، لأنه أمر غيبي لا يجوز أن يقطع فيه بمجرد الرأي.
- أنه لا شك ولا ريب أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة، وأما عدد أجزاء النبوة التي تكون منها الرؤيا فإنه راجع إلى حال الرائي.
وبعد ..
فهذا ما أمكنني ذكره هنا، وهو مبسوط في موضعه من هذا البحث. والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *