الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشوكاني
(18)
.
قال القرطبي رحمه الله: "والصحيح أن ابن صياد هو الدجال"
(19)
.
وقال النووي: "وأما احتجاجه هو
(20)
بأنه مسلم والدجال كافر، وبأنه لا يولد للدجال وقد وُلد له هو وأن لا يدخل مكة والمدينة وأن ابن صياد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة فلا دلالة له فيه لأن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض .. وأما إظهاره الإسلام وحجه وجهاده وإقلاعه عمَّا كان عليه فليس بصريح في أنه غير الدجال"
(21)
. فظاهر هذا الكلام من النووي رحمه الله أنه يميل إلى كون ابن صياد هو الدجال الأكبر وإن كان لم يقطع في هذه المسألة بقول صريح.
أدلة هذا الفريق:
استدل من ذهب إلى أن ابن صياد هو المسيح الدجال بما يلي:
1 -
ما تقدم من الأحاديث في أخبار ابن صياد والتي فيها أنه يأتيه صادق وكاذب وأنه يرى عرشًا فوق الماء وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال، وأنه يعرف مكانه ومولده وأين هو الآن، ونفور عينه وانتفاخه حتي ملأ السكة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقول أخته حفصة له بعد ذلك: ما أردت من ابن صائد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما يخرج من غضبة يغضبها".
2 -
حلف عمر رضي الله عنه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم -كما تقدم- على أن ابن صياد هو الدجال ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
(18)
انظر نيل الأوطار (7/ 239).
(19)
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (2/ 583).
(20)
يعني ابن صياد.
(21)
مسلم بشرح النووي (8/ 261 - 262).
3 -
حلف بعض الصحابة رضى الله عنهم بعد عمر رضى الله عنه على أن ابن صياد هو الدجال كجابر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وأبي ذر رضى الله عنهم.
- أما جابر رضى الله عنه فقد تقدمت الرواية عنه
(22)
، وعند أبي داود أن جابرًا رضى الله عنه شهد أن المسيح الدجال هو ابن صياد، قال الراوي عنه: قلت: فإنه قد مات، قال: وإن مات، قلت: فإنه قد أسلم، قال: وإن أسلم، قلت: فإنه قد دخل المدينة، قال: وإن دخل المدينة
(23)
.
- وأما ابن عمر رضى الله عنهما فقد روى عنه أبو داود أنه كان يقول: "والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد"
(24)
.
- وأما ابن مسعود رضى الله عنه فقد روى عنه أبو يعلى والطبراني أنه كان يقول: "لأن أحلف بالله تسعًا أن ابن صياد هو الدجال أحب إليَّ من أن أحلف واحدة"
(25)
.
- وأما أبو ذر رضى الله عنه فقد روى عنه الإمام أحمد أنه قال: "لأن أحلف عشر مرار أن ابن صائد هو الدجال، أحب إلي من أحلف مرة واحدة أنه ليس به"
(26)
.
(22)
ص (394).
(23)
أخرجه أبو داود (عون 11/ 319) ح (4318). وحسن الحافظ إسناده في الفتح (13/ 327، 329).
(24)
أخرجه أبو داود (عون 11/ 324) ح (4320) وصحح النووى وابن حجر إسناده. انظر مسلم بشرح النووي (18/ 263) فتح البارى (13/ 325).
(25)
رواه أبو يعلى في مسنده (9/ 132) ح (5207) وقال الهيثمى في المجمع (8/ 5): رواه الطبراني وأبو يعلى ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.
(26)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/ 183) ح (20812) وصحح الحافظ إسناده في الفتح (13/ 329) وقال الهيثمى في المجمع (8/ 3): ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة.
وأجاب أصحاب هذا القول عن تردد النبي صلى الله عليه وسلم في أمر ابن صياد بجوابين:
أحدهما: أن التردد كان قبل أن يُعلمه الله تعالى بأنه هو الدجال فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه.
والثاني: أن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك وإن لم يكن في الخبر شك فيكون ذلك من تلطف النبي صلى الله عليه وسلم بعمر في صرفه عن قتله
(27)
.
الفريق الثاني: وهم الذين يذهبون إلى أن ابن صياد ليس هو المسيح الدجال وإنما هو دجال من الدجاجلة، وأن المسيح الدجال هو الوارد في حديث الجساسة، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم كالبيهقي وابن الأثير وابن تيمية وابن كثير والبرزنجي وغيرهم.
قال البيهقى رحمه الله: "وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم لقول عمر فيُحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم"
(28)
.
وقال ابن الأثير: "الذي صح عندنا أنه ليس الدجال"
(29)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " .. عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبى صلى الله عليه وسلم في أمره حتي تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال لكنه كان من جنس الكهان"
(30)
.
وقال ابن كثير رحمه الله: "والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعًا وذلك لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية فإنه فيصل في
(27)
انظر فتح البارى (13/ 325) نيل الأوطار للشوكاني (7/ 239).
(28)
مسلم بشرح النووى (18/ 263).
(29)
أسد الغابة (3/ 283).
(30)
مجموع الفتاوى (11/ 283).