الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنّي مُخْبِرُكُمْ عَنّي، إنّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجُ فَأَسِيرُ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إلّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرّمَتَانِ عَلَيّ، كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السّيْفُ صَلْتًا، يَصُدّنِي عَنْهَا، وَإِنّ عَلَى كُلّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ
(7)
فِي الْمِنْبَرِ: هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ -يَعْنِي الْمَدِينَةَ- أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟ " فَقَالَ النّاسُ: نَعَمْ "فَإنّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنّهُ وَافَقَ الّذِي كُنْتُ أُحَدّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكّةَ، أَلَا إِنّهُ فِي بَحْرِ الشّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ" وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إلَى الْمَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(8)
.
ثانيًا: أخبار ابن صياد:
1 -
عن محمد بن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد الدجال قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينكره النبي -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(9)
.
2 -
عن ابن عمر رضى الله عنهما أن عمر انطلق مع النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رهط قِبَلَ ابن صياد حتي وجدوه يلعب مع الصبيان عند أُطُم بني مغالة
(10)
، وقد
(7)
المخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو قضيب وقد يتكئ عليه. النهاية في غريب الحديث (2/ 36).
(8)
أخرجه مسلم في كتاب الفتن. باب قصة الجساسة (18/ 291) ح (2942).
(9)
متفق عليه: البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: من رأى ترك النكير من النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجة (6/ 2677) ح (6922). ومسلم: كتاب الفتن: باب ذكر ابن صياد (18/ 266) ح (2929).
(10)
الأطم: الحصن وهو بناء من الحجارة مرفوع كالقصر، وبنو مغالة: كل ما كان عن يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد النبى صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بنو مغالة حيٌّ من قضاعة، انظر: معالم السنن (4/ 322) النهاية في غريب الحديث (1/ 54) المفهم (7/ 263) مسلم بشرح النووى (18/ 269).
قارب ابن صياد الحلم فلم يشعر حتي ضرب النبي -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده، ثم قال لابن صياد:"أتشهد أني رسول الله؟ " فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه وقال: "آمنت بالله وبرسوله" فقال له: "ماذا ترى؟ " قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب. فقال النبي -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خلط عليك الأمر" ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت لك خبيئًا"
(11)
فقال ابن صياد: هو الدخ. فقال: "اخسأ، فلن تعدو قدرك" فقال عمر رضى الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقال النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله"
(12)
.
(11)
الصحيح أنه أضمر له آية الدخان، وهى قوله تعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} سورة الدخان: آية (10) وهذا قول الجمهور. انظر مسلم بشرح النووي (18/ 266).
(12)
يرد سؤال هنا وهو: لماذا لم يقتله النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أنه يدعى النبوة؟ !
الجواب: عن هذا السؤال من وجهين ذكرهما أهل العلم:
الوجه الأول: أن هذه القصة جرت له معه أيام مهادنة اليهود وحلفائهم، وذلك أنه لما قدم النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة كتب بينه وبينهم كتابًا صالحهم فيه على أن لا يُهاجوا وأن يُتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد في جملة القوم، ويؤيد هذا ما رواه الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استأذنه في قتل ابن صياد:"إن يكن هو فلست صاحبه إنما صاحبه عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد" أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 345) ح (14538) والبغوي في شرح السنة (15/ 80) وقال الهيثمى في المجمع (8/ 3، 4): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وبهذا الجواب جزم الخطابى والبغوي وابن العربي، وذكره ابن الجوزي والنووي، وقال ابن حجر: هو المتعين. انظر: معالم السنن (4/ 323) شرح السنة (15/ 80) عارضة الأحوذي (9/ 74) كشف المشكل (1/ 336) مسلم بشرح النووي (18/ 264) فتح الباري (6/ 174).
الوجه الثاني: أنه حين جرت له معه هذه القصة كان صبيًّا غير بالغ، ولا حكم لقول الصبى، ومما يدل على هذا ما جاء في حديث ابن عمر أن النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجده يلعب مع الصبيان وقد قارب ابن صياد الحلم، ذكر هذا الوجه البيهقى واختاره القاضي عياض كما أفاده النووي، انظر: مسلم بشرح النووي (18/ 264) عارضة الأحوذي (9/ 74) كشف المشكل (1/ 336). قلت: ولا مانع من القول بكلا الوجهين، والله أعلم.
وقال سالم: سمعت ابن عمر رضى الله عنهما يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئًا قبل أن يراه ابن صياد، فرآه النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مضطجع. يعنى في قطيفة له فيها رمزة أو زمرة
(13)
فرأت أم ابن صياد رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يتقى بجذوع النخل فقالت لابن صياد: يا صاف -وهو اسم ابن صياد- هذا محمد صلى الله عليه وسلم فثار ابن صياد فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "لو تركته بين"
(14)
.
3 -
عن عبد الله قال: كنا مع رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد ففر الصبيان وجلس ابن صياد فكأن رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كره ذلك فقال له النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تربت يداك أتشهد أني رسول الله؟ " فقال: لا بل تشهد أني رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتي أقتله فقال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله"
(15)
.
4 -
عن أبي سعيد قال: لقيه رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر وعمر في بعض طرق المدينة فقال له رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أتشهد أني رسول الله؟ " فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "آمنت بالله وملائكتة وكتبه، ما ترى؟ " قال: أرى عرشًا على الماء فقال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟ " قال: أرى صادقين وكاذبًا أو كاذبين وصادقًا فقال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لُبس عليه، دعوه"
(16)
.
(13)
ولفظ مسلم: له فيها زمزمة، والزمزمة: صوت خفي لا يكاد يفهم. انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 313) مسلم بشرح النووى (18/ 270) فتح الباري (3/ 220).
(14)
متفق عليه: البخاري كتاب الجنائز: باب: إذا أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه (1/ 454) ح (1289) ومسلم: كتاب الفتن. باب: ذكر ابن صياد (8/ 266، 267) ح (2930، 2931).
(15)
أخرجه مسلم في كتاب الفتن. باب: ذكر ابن صياد (18/ 261) ح (2924).
(16)
أخرجه مسلم في كتاب الفتن: باب: ذكر ابن صياد (18/ 262) ح (2925).
5 -
عن أبي سعيد الخدري قال: "صحبت ابن صائد إلى مكة فقال لي: أما قد لقيت من الناس يزعمون أني الدجال، ألست سمعت رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إنه لا يولد له" قال: قلت: بلى، قال: فقد وُلد لي، أو ليس سمعت رسول الله يقول: "لا يدخل المدينة ولا مكة" قلت: بلى، قال: فقد ولدت في المدينة وهذا أنا أريد مكة، قال ثم قال لي: في آخر قوله: أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو، قال: فلبسني"
(17)
.
وفي طريق آخر قال: "أما والله إني لأعلم الآن حيث هو وأعرف أباه وأمه، قال: وقيل له: أيسر أنك ذاك الرجل؟ قال: فقال: لو عُرِضَ عليَّ ما كرهت".
وفي طريق آخر قال أبو سعيد رضي الله عنه: "خرجنا حجاجًا أو عمارًا ومعنا ابن صائد قال: فنَزلنا منْزلًا فتفرق الناس وبقيت أنا وهو فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعى، فقلت: إن الحر شديد فلو وضعته تحت تلك الشجرة، قال ففعل قال: فرفعت لنا غنم فانطلق فجاء بعس
(18)
فقال: اشرب أبا سعيد فقلت: إن الحر شديد واللبن حار، ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده، أو قال آخذ عن يده، فقال: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلًا فأعلقه بشجرة ثم اختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد من خفي عليه حديث رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألستَ من أعلم الناس بحديث رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أليس قد قال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"هو كافر" وأنا مسلم أو ليس قد قال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هو عقيم لا يولد له" وقد تركت ولدي بالمدينة أو ليس قد قال رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يدخل المدينة ولا مكة" وقد
(17)
أى جعلنى ألتبس في أمره وأشك فيه. انظر النهاية في غريب الحديث (4/ 226). مسلم بشرح النووي (18/ 267).
(18)
العس: القدح الكبير. النهاية في غريب الحديث (3/ 236) المفهم (7/ 269).