الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض
جاء في هذه المسألة في الصحيحين عدة أحاديث تمثل جانبين في المسألة:
فالجانب الأول: الأحاديث التي تفيد نفي وجود العدوى.
والجانب الثاني: الأحاديث التي يفهم منها إثبات وجود العدوى.
*
فأما أحاديث الجانب الأول
فقد جاءت في الصحيحين عن خمسة من الصحابة وهم: أبو هريرة وأنس وابن عمر وجابر بن عبد الله والسائب بن يزيد رضي الله عنهم، وهي كالتالي:
الحديث الأول:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقد جاء في الصحيحين من ست طرق بعضها متفق عليه وبعضها مما انفرد به البخاري وبعضها مما انفرد به مسلم وإليك بيان ذلك:
الطريق الأول: من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة رضى الله عنه ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى
(1)
ولا صفر
(2)
ولا
(1)
"العدوى: اسم من الإعداء .. يقال أعداه الداء يعديه إعداءً وهو أن يصيبه مثل بصاحب الداء، وذلك أن يكون ببعير جرب مثلًا فتُتقى مخالطته بإبل أخرى حِذارًا أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه".
[النهاية في غريب الحديث (3/ 192)، وانظر لسان العرب (15/ 39)]
(2)
"كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها الصَّفر، تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه وأنها تُعدي، فأبطل الإسلام ذلك. وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وهو تأخير المحرم إلى صفر، ويجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله".
[النهاية (3/ 35)، وانظر: لسان العرب (4/ 462) أعلام الحديث للخطابي (3/ 2119)].
وجزم البخاري بأنه داء يأخذ البطن حيث قال في صحيحه (5/ 2161) باب: لا صفر وهو داء يأخذ البطن، ورجحه النووي في شرحه لمسلم (14/ 465). =
هامة
(3)
".
فقال أعرابي: يا رسول الله: فما بال إبلي تكون في الرمل كأنَّها الظباء، فيأتي البعير الأجرب
(4)
فيدخل بينها فيجربَها؟ .
فقال: "فمن أعدى الأول؟
(5)
"
(6)
.
وفي رواية لمسلم من طريق أبي سلمة: "لا عدوى ولا طيرة .. ".
= وهناك قول ثالث وهو: أن أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر صفر ويقولون: إنه شهر مشئوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال ابن رجب بعد ذكره لهذا القول: لعل هذا القول أشبه الأقوال.
[لطائف المعارف (83)].
(3)
"الهامة: الرأس، واسم طائر وهو المراد في الحديث، وذلك أنَّهم كانوا يتشاءمون بِها، وهي من طير الليل.
وقيل هي البومة، وقيل كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول: اسقوني، فإذا أُدرك بثأره طارت، وقيل: كانوا يزعمون أن عظام الميت، وقيل روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدى فنفاه الإسلام ونهاهم عنه". [النهاية في غريب الحديث (5/ 283)، وانظر: لسان العرب (12/ 624)، أعلام الحديث (3/ 2119)].
قال ابن ححر في الفتح (10/ 241): " فعلى هذا -يقصد المعنى الأخير- فالمعنى في الحديث: لا حياة لهامة الميت، وعلى الأول: لا شؤم بالبومة ونحوها". وقال النووي في شرحه لمسلم (14/ 466): "ويجوز أن يكون المراد النوعين فإنَّهما جميعًا باطلان فبين النبي صلى الله عليه وسلم إبطال ذلك، وضلالة الجاهلية فيما تعتقده من ذلك".
(4)
"الجرب بثر يعلو أبدان الناس والإبل". [لسان العرب (1/ 259)]
(5)
"أى: لو كان إنما أصاب الثاني لما أعداه الأول، إذًا لمَا أصاب الأول شيء لأنه لم يكن معه ما يعديه، ولكنه لمّا كان ما أصاب الأول إنما كان بقدر الله عز وجل كان ما أصاب الثاني كذلك". [شرح معاني الآثار (4/ 310) وانظر: أعلام الحديث (3/ 2118)، فتح الباري (0/ 242)، مسلم بشرح النووي (14/ 467)]
(6)
متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الطب، باب: لا صفر. (5/ 2161) ح (5387). ومسلم: كتاب السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة. (14/ 464) ح (2220).
الطريق الثاني: من رواية سنان بن أبي سنان عن أبي هريرة ولفظه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى" فقام أعرابي فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء فيأتيها البعير الأجرب فتجرب؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول؟ "
(7)
.
الطريق الثالث: من رواية أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"
(8)
.
الطريق الرابع: من رواية سعيد بن ميناء عن أبي هريرة ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر .. "
(9)
.
الطريق الخامس: من رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح"
(10)
.
الطريق السادس: من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا هامة ولا نوء
(11)
(7)
متفق عليه: البخاري: كتاب الطب، باب: لا عدوى. (5/ 2178) ح (4539). ومسلم: كتاب السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة. (14/ 465) ح (2220).
(8)
البخارى: كتاب الطب، باب: لا هامة ولا صفر. (5/ 2171) ح (5425).
(9)
البخاري: كتاب الطب، باب: الجذام. (5/ 2158) ح (5380).
(10)
مسلم: كتاب السلام، باب: الطيرة والفأل. (14/ 470) ح (2223).
(11)
نوء: أى لا تقولوا مطرنا بنوء كذا، لأن العرب كانت تقول ذلك، فأبطل صلى الله عليه وسلم ذلك بأن المطر إنما يقع بإذن الله لا بفعل الكواكب وإن كانت العادة جرت بوقوع المطر في ذلك الوقت، لكن بإرادة الله تعالى وتقديره لا صنع للكواكب في ذلك. [انظر: مسلم بشرح النووي (14/ 466)، فتح الباري (10/ 159)، النهاية:(5/ 122)، لسان العرب (1/ 175)]
وقال في عون المعبود (10/ 292): والنوء بفتح النون وسكون الواو أى طلوع نجم وغروب ما يقابله، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، وكانوا يعتقدون أنه لابد عنده من مطر أو ريح ينسبونه إلى الطالع أو الغارب، فنفى صلى الله عليه وسلم صحة ذلك".