الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث الترجيح
الذي يظهر رجحانه -والله تعالى أعلم- هو مذهب الجمع وهو أن النساء من بنى آدم في الجنة أقل من الرجال كما هو صريح حديث عمران بن حصين رضى الله عنهما: "إن أقل ساكني الجنة النساء".
وأما إذا انضم إليهن الحور العين فإنه على كلا القولين تكون النساء في الجنة أكثر من الرجال.
قال القرطبي رحمه الله: "وبِهذا يُعلم أنَّ نوع النساء المشتمل على الحور والآدميات في الجنة "أكثر من نوع رجال بني آدم، ورجال بني آدم أكثر من نسائهم"
(1)
.
وأما استدلال أصحاب القول الثاني بحديث أبي هريرة: "لكل امرئٍ منهم زوجتان" وقولهم إن المراد بالزوجتين في هذا الحديث: أي من نساء الدنيا فغير مسلَّم، لأن الحديث جاء صريحًا في أن الزوجتين هاتين من الحور العين كما في روايةٍ للبخاري:"لكل امرئٍ زوجتان من الحور العين"
(2)
وكما في حديث أبي هريرة الذي رواه الإِمام أحمد وقد تقدم ذكره
(3)
.
(1)
المفهم (7/ 181).
(2)
تقدم تخريجها ص (453) والعجيب أن ابن القيم رحمه الله استدل برواية الإمام أحمد -على أن الزوجتين من الحور العين- ولم يستدل برواية البخارى هذه؟ ! والأعجب من ذلك أن ابن حجر رحمه الله -وهو الشارح والخبير بصحيح البخارى- جعل هاتين الزوجتين من نساء الدنيا في الموضع الذى وردت فيه هذه الرواية؟ ! ! على أنه رحمه الله له قول آخر -تقدم ذكره- لكنه لم يستدل له بِهذه الرواية؟ ! ولعل سبب ذلك -والله تعالى أعلم- أن هذه الرواية ليست موجودة في النسخة التى اعتمد عليها الحافظ في الفتح.
(3)
انظر ص (454).
وأما ما ورد في بعضى الأحاديث أن للمؤمن أكثر من زوجتين من الحور العين -كما تقدم- فالجواب عنه: أنه لا يلزم من ذكر الزوجتين عدم الزيادة عليهن لأن حديث: "لكل امرئٍ منهم زوجتان" ليس فيه أنه ليس له إلا زوجتان؟ وقد تكون هاتان الزوجتان من الحور العين لأدنى أهل الجنة منْزلة كما جاء ذلك في حديث أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أدنى أهل الجنة منْزلةً: رجل صرف الله وجهه عن النار قِبل الجنة ومُثِّلَ له شجرة ذات ظل .. " إلى أن قال: "ثم يدخل بيته فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين فتقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك"
(4)
.
وأما تشكيك أصحاب القول الثاني بحديث: "إن أقل ساكني الجنة النساء" وقولهم: يحتمل أن الراوي لهذا الحديث رواه بالمعنى الذي فهمه فغريب جدًّا، وليس لهم عليه مستند إلا ما توهموه من معارضته لحديث:"لكل امرئٍ منهم زوجتان" والحق أنه ليس بينهما تعارضٌ البتة لأن الزوجتين هاتين من الحور العين كما تقدم، ثم إن الأحاديث الصحيحة لا تُردُّ بمثل هذا الاحتمال. والله أعلم.
* * *
(4)
أخرحه مسلم (3/ 45) ح (188).