الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفضيل، وقد سلك فيها أهل العلم مذهبين: أحدهما الجمع، والآخر النسخ، وإليك بيان ذلك:
أولًا: مذهب الجمع:
وإليه ذهب أكثر أهل العلم، ولكنهم اختلفوا في أوجه الجمع على أقوال:
فالقول الأول: أن المراد بالنهي عن التخيير بين الأنبياء: المنع منه إذا كان يؤدي إلى توهم النقص في المفضول أو الغض منه أو كان على وجه الإزراء به، وليس المراد به أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتِهم لأن الله تعالى قد أخبر أنه قد فاضل بينهم، وإلى هذا القول ذهب الخطابي
(17)
والحليمي
(18)
وابن تيمية
(19)
وابن أبي العز
(20)
وذكره النووي
(21)
وابن حجر
(22)
عليهم رحمة الله.
القول الثاني: أن المراد بالنهي المنع من التفضيل حال المجادلة والمخاصمة والتشاجر والتنازع أو إذا كان التفضيل يؤدي إلى هذه الأشياء، واستدل القائلون بهذا القول بسبب ورود حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما فإن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى عن التخيير والتفضيل بين الأنبياء إثر حصول المخاصمة والمنازعة بين المسلم واليهودي
(23)
.
القول الثالث: أن المراد بالنهي: المنع من التفضيل إذا كان على وجه
(17)
انظر معالم السنن (4/ 286).
(18)
انظر المنهاج في شعب الإيمان له (2/ 117 - 118).
(19)
انظر منهاج السنة (7/ 256) مجموع الفتاوي (14/ 436).
(20)
انظر شرح العقيدة الطحاوية (159).
(21)
انظر مسلم بشرح النووي (15/ 43).
(22)
انظر فتح الباري (6/ 446).
(23)
انظر مسلم بشرح النووي (15/ 43) تفسير ابن كثير (1/ 455) فتع الباري (6/ 446) فتح القدير (1/ 269).
الحمية والعصبية وهوى النفس، ومجرد الرأي، لا بمقتضى الدليل، وإلى هذا ذهب الطحاوي
(24)
وابن كثير
(25)
عليهما رحمة الله، وهو ظاهر كلام الشوكاني
(26)
.
القول الرابع: أن نَهيه صلى الله عليه وسلم عن التفضيل إنما هو على سبيل التواضع. والأدب وهضم النفس لأنه صلى الله عليه وسلم يعلم أنه أفضل الأنبياء، كما يدل عليه قوله:"أنا سيد ولد آدم" وإلى هذا ذهب ابن قتيبة
(27)
، وهو قول آخر لابن كثير رحمه الله تعالى
(28)
.
القول الخامس: أن المراد بالنهي: المنع من التفضيل في نفس النبوة لأنها خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وأما التفضيل بزيادة الخصوصيات والكرامات والمعجزات فغير منهي عنه، وإلى هذا ذهب أبو عبد الله القرطبي وقال:"هذا قول حسن فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ"
(29)
.
القول السادس: أن المراد بالنهي: المنع من التفضيل الذي فيه تعيين المفضول، فلا يفضل أحد من الرسل على أحد بعينه، وأما تفضيل بعضهم على بعض في الجملة؛ دون تعيين المفضول فجائز لدلالة القرآن والسنة على
(24)
انظر مشكل الآثار (1/ 308).
(25)
انظر تفسير ابن كثير (3/ 77) شرح العقيدة الطحاوية (159) فتح الباري (6/ 446).
(26)
انظر فتح القدير (1/ 269).
(27)
انظر تأويل مختلف الحديث (109) مسلم بشرح النووي (15/ 43) تفسير القرطبي (3/ 262) تفسير ابن كثير (1/ 455) فتح الباري (6/ 452) فتح القدير (1/ 269).
(28)
انظر البداية والنهاية (1/ 222، 291).
(29)
تفسير القرطبي (3/ 263) وانظر مسلم بشرح النووي (15/ 43) فتح الباري (6/ 446) فتح القدير (1/ 269).