الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض
صفة الرحمة لله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع والعقل:
أما الكتاب فقد "كرر الله تعالى التمدح بالرحمة مرارًا جمة، أكثر من خمسمائة مرة من كتابه الكريم، منها باسمه الرحمن أكثر من مائة وستين مرة، وباسمه الرحيم أكثر من مائتي مرة، وجمعهما للتأكيد مائة وست عشرة مرة .. "
(1)
.
وأما السنة فالأحاديث في إثبات هذه الصفة لله تعالى لا تكاد تحصى كثرة، ومنها على سبيل المثال:
1 -
حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي غلبت غضبي"
(2)
.
2 -
حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال:"قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"
(3)
.
(1)
مقتبس من كلام ابن الوزير في كتابه: إيثار الحق على الخلق، ص (330) تنبيه: ذكر الشيخ محمد ابن حمود النجدي في النهج الأسمى (1/ 77) أن اسم (الرحمن) إنما ورد في القرآن سبعًا وخمسين مرة، وأما اسم (الرحيم) فقد ورد مائة وأربع عشرة مرة.
قلت: وهو الموافق لما في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فوًاد عبد الباقي، على فرق يسير في اسم (الرحيم) انظر المعجم (389 - 392).
(2)
متفق عليه: البخاري: كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ .. } (3/ 1166) ح (3022).
ومسلم: كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنَّها سبقت غضبه. (17/ 74) ح (2751).
(3)
متفق عليه: البخاري: كتاب صفة الصلاة، باب: الدعاء قبل السلام. (1/ 286) ح (799). ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر. (17/ 31) ح (2705).
3 -
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْىٌ، فإذا امرأة من السبي قد تحلُبُ ثديها تسقى، إذا وجدت صبيًّا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم:"أترون هذه طارحةً ولدها في النار؟ " قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال:"الله أرحم بعباده من هذه بولدها"
(4)
.
وأما الإجماع فإنه منعقد على إثبات هذه الصفة لله تعالى، قال ابن الوزير:"وقد أجمع المسلمون على حسن إطلاق الرحمة على الله تعالى"
(5)
.
وأما العقل: فإن ظهور آثار هذه الصفة من الإحسان إلى الخلق والإنعام
عليهم، ودفع النقم عنهم شاهد برحمة تامة وسعت كل شيء
(6)
.
ولكن مع دلالة الكتاب والسنة والإجماع والعقل على ثبوت صفة الرحمة لله تعالى فإن هناك أحاديث قد يفهم منها بعض الناس أن هذه الصفة لله تعالى مخلوقة، وإليك هذه الأحاديث:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة"
(7)
.
وفي رواية: "جعل الله الرحمة في مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا، وأنزل جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الحلق، حتى
(4)
متفق عليه: البخاري: كتاب الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله. (5/ 2235) ح (5653). ومسلم: كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى. (17/ 77) ح (2754).
(5)
إيثار الحق على الخلق، ص (333).
(6)
انظر: مختصر الصواعق (2/ 348)، شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 256).
(7)
متفق عليه: البخاري: كتاب الرقاق، باب: الرجاء مع الخوف. (5/ 2374) ح (6104). ومسلم: كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى (17/ 75) ح (2752).