الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدواب من التبن والحشيش وسائر النبات، وبساتين وحدائق ذات بهجة وأغصان ملتفة على بعضها وثمرات متنوعة وألوان مختلفة وطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذلك في بقعة واحدة، كما قال تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ، وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ، وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ، يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد 4/ 13].
والثج: الصب الكثير المتتابع، ومنه
قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي عن ابن عمر: «أفضل الحج: العجّ والثجّ» أي رفع الصوت بالتلبية، وصب دماء البدن أو الهدي وإراقتها.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
تفخيم شأن البعث وتهويله وتعظيم أمره، وتأكيد وقوعه وأنه حق ثابت لا ريب فيه.
2 -
سيعلم الكفار المكذّبون صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن ومما ذكره لهم من البعث بعد الموت، حين يحل بهم العذاب والنكال. وفيه وعيد بعد وعيد.
3 -
رد الله تعالى على المشركين منكري البعث، وأثبت لهم قدرته على البعث والمعاد والحشر والنشر من خلال الإتيان بما هو مشاهد معاين لهم وهو إيجاد عجائب المخلوقات، والقدرة على إيجاد هذه الأمور أعظم من القدرة على الإعادة.
4 -
ذكر الله تعالى من عجائب مخلوقاته الدالة على كمال القدرة وتمام العلم والحكمة أمورا تسعة: هي جعل الأرض ممهدة مذللة كالمهد للصبي، وهو ما يمهد له فينوّم عليه، وجعل الجبال للأرض كالأوتاد التي تشدّ بها حبال الخيام، لتسكن
وتثبت ولا تميل بأهلها، وخلق الناس أصنافا: ذكورا وإناثا وأضدادا متقابلين حسنا وقبحا وطولا وقصرا ليكتمل الكون، ويزهو بالجمال والانس، ويتيسر التعاون، ويستمر بقاء النوع الإنساني.
وتصيير النوم راحة للأبدان وقطعا للحركة والأعمال التي يكابد بها الإنسان طوال النهار، فتتجدد قواه، ويستعيد نشاطه، فالنوم يزيل التعب عن الإنسان.
وجعل الليل بظلمته كاللباس ساترا، أو سكنا للناس، فظلمة الليل تستر الإنسان عن العيوب إذا أراد هربا من عدو، أو بياتا له، أو إخفاء ما لا يحب الإنسان اطلاع غيره عليه، وأيضا فكما أن الإنسان بسبب اللباس يزداد جماله وتتكامل قوته، ويندفع عنه أذى الحر والبرد، فكذا لباس الليل، بسبب ما يحصل فيه من النوم، يزيد في جمال الإنسان، وفي طراوة أعضائه، وفي تكامل قواه الحسية والحركية، ويندفع عنه أذى التعب الجسماني، وأذى الوساوس والأفكار الموحشة.
وجعل النهار وقت معاش، يتردد فيه الناس لطلب معايشهم: وهي كل ما يعاش به من المطعم والمشرب وغير ذلك.
وبناء سبع سموات محكمات، محكمة الخلق، وثيقة البنيان، وجعل الشمس سراجا منيرا مضيئا وقادا متلألئا، وفي كل ذلك خير ونفع للإنسان. وإنزال الأمطار من السحب المحفلة بالماء، فيحدث منها الغيث الذي يحيي الأرض بعد جدبها، وينعش النفوس والأجسام بعد عنائها وتكدرها، ويخرج به الحب للإنسان كالحنطة والشعير وغير ذلك، والنبات للحيوان وهو ما تأكله الدواب من الحشيش، وتوجد به البساتين والحدائق الغناء التي تلتف أغصانها بعضها ببعض لكثرة تشعبها، وتزهو بالخضرة والنضرة والجمال، والثمار والألوان، والطعوم والروائح.