الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي:
1 -
إن يوم القيامة الذي يفصل الله فيه بين الخلائق وقت، ومجمع، وميعاد للأولين والآخرين، لما وعد الله من الجزاء والثواب.
2 -
تحدث في بداية يوم القيامة ظواهر خطيرة ثلاث: هي نفخ إسرافيل في الصور (القرن) فيأتي الناس من قبورهم زمرا وجماعات، وتفتّح وتشقّق أو تفطر السماء، فتصير كلها كأنها أبواب، وتسيير الجبال وإزالتها من أماكنها الأصلية.
3 -
أخبر الله تعالى عن حال الأشقياء، وقدم ذكرهم على السعداء؛ لأن الكلام في السورة بنى على التهديد، وهو أن جهنم تكون مكانا مرصدا للطغاة الذين طغوا في دينهم بالكفر، وفي الدنيا بالظلم، أو أنها ترصد أعداء الله وتراقبهم حتى ينزلوا فيها، وتكون المرجع الذي يرجعون فيه إليها.
4 -
كيفية استقرارهم في النار: هي أنهم يكونون ماكثين في نار جهنم إلى الأبد ما دامت الأحقاب تتوالى، وهي لا تنقطع، فكلما مضى حقب جاء حقب، والحقب: الدهر، والأحقاب: الدهور، والحقبة: السنة.
5 -
لا يذوق الطغاة في جهنم أو في الأحقاب بردا يخفف الحر أو نوما، ولا شرابا يروي من العطش إلا الماء الحار والغساق: صديد أهل النار.
6 -
لا ظلم في هذا الجزاء، وإنما هو موافق لأعمالهم، فإنهم كانوا لا يخافون محاسبة على أعمالهم؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث، وكذّبوا بما جاءت به الأنبياء تكذيبا شديدا. وهذا دليل على أنهم كذبوا بجميع دلائل الله تعالى في التوحيد والنبوة والمعاد والشرائع والقرآن.
وهو جزاء دقيق عادل؛ فإن الله تعالى عالم بأفعالهم علما لا يزول ولا يتبدل، وقد أحصاها عليهم، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ لتعرفه الملائكة، كما أن الحفظة الملائكة الموكلين بأمر العباد كتبوا كل شيء عليهم بأمر الله تعالى إياهم بالكتابة، بدليل قوله تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ} [الانفطار 10/ 82 - 11] وقوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ} دليل على كونه تعالى عالما بالجزئيات.
7 -
في قوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً} أظهر الله تعالى غاية السخط بطريق الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، والتعقيب بفاء الجزاء الدال على أن العقاب سبب عن كفرهم بالحسنات، وتكذيبهم بالآيات.
وزيادة العذاب: إما لازدياد كفرهم وعتوهم حينا بعد حين، كقوله تعالى:{فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة 125/ 9] وإما لأن زيادة العذاب عبارة عن استمراره نفسه؛ لأنه يتزايد بمرور الزمان. والمراد: إنا لن نخلصكم من العذاب إلى خلافه، وإن عذاب أهل النار دائم غير متناه، وإنه تعالى يزيد في عذاب الكافر أبدا.
وهذه الآية دالة على المبالغة في التعذيب من وجوه:
أحدها-قوله: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ} وكلمة «لن» للتأكيد في النفي.
وثانيها-أنه في قوله: {كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً} ذكرهم بالغيبة، وفي قوله:{فَذُوقُوا} ذكرهم على سبيل المشافهة، وهذا يدل على كمال الغضب، كما ذكرت.
وثالثها-أنه تعالى عدد وجوه العقاب، ثم حكم بأنه جزاء موافق لأعمالهم، ثم عدد فضائحهم، ثم قال:{فَذُوقُوا} فكأنه تعالى أفتى، وأقام الدلائل، ثم أعاد تلك الفتوى بعينها، وذلك يدل على المبالغة في التعذيب
(1)
.
(1)
تفسير الرازي: 19/ 31