الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن هذه الآية: {وَما أُمِرُوا.} . دليل على أن الإيمان عبارة عن مجموع القول والاعتقاد والعمل؛ لأن الله تعالى ذكر العبادة المقرونة بالإخلاص وهو التوحيد، ثم عطف عليه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم أشار إلى المجموع بقوله:
(1)
.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
1 -
للإسلام وشارعه فضل على جميع الأمم والخلائق، فلولاه لما عرف إيمان صحيح، ولا دين حق.
2 -
من هذه الفضائل والمزايا: أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمشركين عبدة الأوثان والأصنام لم يصيروا منتهين عن كفرهم، مائلين أو زائلين عنه إلا بمجيء البينة وهي الحجة الواضحة، وهي محمد صلى الله عليه وسلم بما جاء به من القرآن العظيم، حجة الله على عباده، ومعجزة رسوله مدى الحياة، وهو الذي يتلو منه على أسماع البشر صحفا مطهرة من الزور والشك والنفاق والضلالة، كما قال ابن عباس، وفي تلك الصحف مكتوبات مستقيمة مستوية محكمة، مستقلة بالدلائل.
والصحف: القراطيس التي يكتب فيها القرآن، المطهر من النقائص، ومسّ المحدث إياه. ومعنى تلاوة الصحف: إملاؤه إياها.
عن جعفر الصادق رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ من الكتاب، وإن كان لا يكتب، ولعل هذا من معجزاته.
3 -
تقتضي الآية الأولى: {لَمْ يَكُنِ} أن أهل الكتاب منهم كافر، ومنهم
(1)
تفسير الرازي: 43/ 32 - 48
مؤمن ليس بكافر. أما المشركون فلا ينقسمون هذه القسمة، وكلهم كفار؛ لأن كلمة {مِنْ} هنا ليست للتبعيض، بل للتبيين، كقوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} [الحج 30/ 22] فقوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ} بيان للذين كفروا، والمراد أن الكفار فريقان: بعضهم أهل الكتاب ومن يجري مجراهم كالمجوس، وبعضهم مشركون. وكلمة {وَالْمُشْرِكِينَ} وصف لأهل الكتاب؛ لأن النصارى مثلثة، وعامة اليهود مشبّهة، وهذا كله شرك.
4 -
في الآية الأولى أحكام شرعية هي:
أولا-أنه تعالى فسر قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} بأهل الكتاب وبالمشركين، وهذا يقتضي كون الكل واحدا في الكفر، لذا قال العلماء: الكفر كله ملة واحدة، فالمشرك يرث اليهودي وبالعكس.
ثانيا-أن العطف أوجب المغايرة، فلذلك نقول: الذمي ليس بمشرك.
وقال صلى الله عليه وسلم عن المجوس فيما أخرجه الشافعي عن عبد الرحمن بن عوف: «سنّوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم» فأثبت التفرقة بين الكتابي والمشرك. لكن قوله: «غير ناكحي» إلخ، زيادة ضعيفة.
ثالثا-نبّه بذكر الكتاب على أنه لا يجوز الاغترار بأهل العلم؛ إذ قد حدث في أهل القرآن مثلما حدث في الأمم الماضية
(1)
.
5 -
خص الله تعالى أهل الكتاب بظهور التفرق فيهم دون غيرهم، وإن اشتركوا مع بقية الكفار في الكفر؛ لأنه مظنون بهم علم، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب له أدخل في هذا الوصف.
6 -
حدثت ظاهرة تفرق أهل الكتاب بعد البعثة النبوية، وذلك أنهم كانوا
(1)
تفسير الرازي: 41/ 32