الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{وَيْلٌ} خزي وعذاب شديد، ويراد به الندم والتقبيح. {هُمَزَةٍ} مغتاب طعّان في أعراض الناس وكراماتهم. {لُمَزَةٍ} عيّاب يعيب عادة بالحاجب أو العين أو اليد أو الرأس تحقيرا للناس وترفعا عليهم. {عَدَّدَهُ} عدّه مرة بعد أخرى تلذذا به، أو جعله عدّة للنوازل وحوادث الدهر.
{يَحْسَبُ} يظن لجهله. {أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ} جعله خالدا في الدنيا، لا يموت. {كَلاّ} ردع وزجر. {لَيُنْبَذَنَّ} ليطرحنّ وليرمين بإهانة وتحقير، وهو جواب قسم محذوف. {فِي الْحُطَمَةِ} نار جهنم، سميت لذلك؛ لأنها تحطم كل ما ألقي فيها، من الحطم: وهو الكسر.
{الْمُوقَدَةُ} المسعّرة. {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} تعلو أوساط القلوب، وتحيط بها، وخصت الأفئدة بالذكر؛ لأنها محل العقائد الزائغة ومنشأ الأعمال الفاسدة القبيحة. {مُؤْصَدَةٌ} مطبقة مغلقة عليهم، من أوصدت الباب: إذا أغلقته. {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} في أعمدة طويلة، فتكون النار داخل العمد، جمع عمود.
التفسير والبيان:
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} أي خزي وعذاب شديد لكل من يغتاب الناس ويطعن بهم أو يعيبهم في حضورهم، قال مقاتل: إن الهمزة: الذي يغتاب بالغيبة، واللمزة: الذي يغتاب في الوجه. وقال ابن عباس: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} طعان معياب.
ثم ذكر أوصافا أخرى له:
{الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ} أي أن ذلك الهمزة اللمزة الذي يزدري الناس ويحتقرهم ويترفع عليهم بسبب إعجابه بما جمع من المال وأحصاه، وظن أن له به الفضل على غيره، كقوله تعالى:{جَمَعَ فَأَوْعى} [المعارج 18/ 70].
{يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ} أي يظن أن ماله يضمن له الخلود ويتركه حيّا مخلدا لا يموت؛ لشدة إعجابه بما يجمعه من المال، فلا يعود يفكر بما بعد الموت.
ثم ردّ الله عليه أوهامه وزجره على مزاعمه، فقال:
{كَلاّ، لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} أي زجرا له وردعا، فليس الأمر كما زعم ولا كما حسب، بل ليلقين ويطرحن هذا الذي جمع ماله هو وماله في النار التي تحطم أو تهشم كل ما يلقى فيها.
ثم هوّل عليه شأن النار وعرفها له، فقال:
{وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ، نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ} أي وما أعلمك ما هذه النار، وأي شيء هي؟ فكأنها لا تدركها العقول، هي نار الله الموقدة المستقرة بأمر الله سبحانه، التي لا تخمد أبدا.
وفائدة وصف جهنم بالحطمة مناسبتها لحال المتكبر المتجبر بماله، المترفع على غيره، فهي تكسر كسرا كل ما يلقى فيها، لا تبقي ولا تذر.
وإضافة {نارُ اللهِ} للتفخيم، أي هي نار، لا كسائر النيران.
ثم وصف النار بأوصاف ثلاثة هي:
{الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} أي التي تعلو القلوب وتغشاها بحرها الشديد، وتحرقهم وهم أحياء. والقلوب أشد أجزاء البدن تألما، وخصت بالذكر لأنها محل العقائد الزائغة، والنيات الخبيثة، وسوء الأخلاق من الكبر واحتقار الناس، والأعمال القبيحة.
وهي عليهم مطبقة، مغلقة عليهم أبوابها جميعا، فلا منافذ، ولا يستطيعون الخروج منها، كما قال تعالى:{عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ} [البلد 20/ 90]، وقال سبحانه:{كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ، أُعِيدُوا فِيها.} . [الحج 22/ 22].