الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله إيقادا شديدا، قال تعالى:{وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ} [البقرة 24/ 2] وإذا قربت الجنة وأدنيت لأهلها المتقين، كما قال تعالى:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق 31/ 50].
{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ} جواب إذا وما عطف عليها، أي إذا حصل كل ما تقدم من الأحداث، ووقعت هذه الأمور، علمت كل نفس ما أحضرته عند نشر الصحف، وما عملت من خير أو شر، كما قال تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً، وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران 30/ 3] وقال سبحانه: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة 13/ 75]. والآيات من أول السورة إلى هنا شرط، وجوابه:{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ} . وقال الحسن البصري: هذا قسم وجواب له. قال القرطبي:
والقول الأول أصح.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه ظواهر تحدث قبل أو بعد البعث يوم القيامة، فتملأ النفس رهبة، وتثير الخوف والذعر بين الناس، لتبدّل ما كانوا يألفون ويشاهدون، والقصد من تعدادها تخويف البشر والإعداد ليوم القيامة بما يحقق لهم النجاة والأمن والسلامة.
فهو إنذار مسبق، ولقد أعذر من أنذر، ولقد تضمن الإنذار مواجهة اثنتى عشرة علامة للقيامة: وهي تكوير الشمس، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال، وتعطيل العشار، وحشر الوحوش، وتسجير البحار، وتزويج النفوس، وسؤال الموءودة، ونشر صحف الأعمال، وكشط السماء كما يكشف الإهاب (الجلد) عن الذبيحة، وتسعير الجحيم (إيقادها) وإزلاف الجنة (إدناؤها). وأي رهبة تحدث حينما يذهب ضوء الشمس، فيظلم الكون، وتتهافت النجوم وتتساقط
وتتناثر، فتزول معالم الجمال، وتقلع الجبال من الأرض وتسير في الهواء، فتكون كثيبا مهيلا، أي رملا سائلا، وتصبح كالعهن، وتكون هباء منثورا، وسرابا لا حقيقة ولا وجود له، كالسراب الذي ليس بشيء، وتعود الأرض قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، أي ارتفاعا، فتزول المتعة بها في عين الرائي.
وتهمل النوق الحوامل التي في بطونها أولادها، بعد العناية بها؛ لأنها أعز ما تكون على العرب، وهذا على وجه المثل؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل، أن هول يوم القيامة لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه.
وتحشر الوحوش، أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض، فيقتصّ للجمّاء من القرناء، ثم يقال لها: كوني ترابا، وهذا هو المعنى الأصح، وقيل:
حشرها: موتها وهلاكها، وعلى كل حال، تتعاظم المخاوف من رؤية ما يحدث.
وتسجّر البحار، أي توقد إيقادا شديدا، وتصير البحار والأرض كلها بساطا واحدا، بأن يملأ مكان البحار بتراب الجبال، فتزول صورة جمال البحر في مشهد الطبيعة.
ويحدث البعث، فتقرن الأرواح بالأجساد، وتسأل البنت المدفونة حية عن سبب وأدها وقتلها، لتوبيخ الفاعل، ولومه على فعله مخافة الحاجة والإملاق (الفقر) أو السبي والاسترقاق ولإلحاق البنات بالملائكة؛ لأنهم كانوا يقولون:
الملائكة بنات الله، وكل ذلك غير مقبول، فإنها قتلت بغير ذنب، وعقاب القاتل النار.
وتنشر صحائف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشرّ، تطوى بالموت، وتنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته،