الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما اشتملت عليه السورة:
موضوع السورة كسائر موضوعات السور المكية التي تعنى بالعقيدة والرسالة والأخلاق التي قوامها في الإسلام المساواة بين الناس، دون تفرقة بين غني وفقير.
ابتدأت السورة بذكر قصة الأعمى عبد الله بن أم مكتوم ابن خال خديجة بنت خويلد الذي قدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للتعلم، في وقت كان فيه مشغولا مع جماعة من صناديد قريش يدعوهم إلى الإيمان، فعبس النبي صلى الله عليه وسلم وجهه وأعرض عنه، فعاتبه الله بقوله:{عَبَسَ وَتَوَلّى.} . [الآيات 1 - 16] وأبانت أن القرآن ذكرى وموعظة لمن عقل وتدبر.
ثم نددت بجحود الإنسان وكفره بنعم ربه وإعراضه عن هداية الله: {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ.} . [الآيات 17 - 23].
وأردفت ذلك بإقامة الأدلة على قدرة الله ووحدانيته بخلق الإنسان والنبات وتيسير طعام ابن آدم وشرابه، لإثبات القدرة على البعث:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ.} . [الآيات 24 - 32].
وختمت السورة بوصف أهوال يوم القيامة، وفرار الإنسان من أقرب الناس إليه، وبيان حال المؤمنين السعداء والكافرين الأشقياء في هذا اليوم:{فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ.} . [الآيات في 33 - 42].
سبب نزول السورة:
نزلت هذه السورة في شأن عبد الله بن أم مكتوم ابن خال خديجة رضي الله عنها. ويقال: عمرو بن قيس بن زائدة، وهذا أشهر وأكثر كما في جامع الأصول، واسم أم مكتوم: عاتكة بنت عامر بن مخزوم.
وذلك
أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده صناديد قريش: عبتة وشيبة ابنا
ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، يدعوهم إلى الإسلام، رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال:
يا رسول الله، أقرئني وعلّمني مما علمك الله، وكرر ذلك، وهو لا يعلم شغله بالقوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه، وعبس وأعرض عنه، فنزلت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رآه:«مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، ويقول له: هل لك من حاجة؟» . واستخلفه على المدينة واليا مرتين في غزوتين غزاهما
(1)
.
قال أنس: فرأيته يوم القادسية راكبا، وعليه درع، ومعه راية سوداء.
ويروى: أنه صلى الله عليه وسلم ما عبس بعدها في وجه فقير قط، ولا تصدّى لغني.
وعلّق القرطبي على أسماء الصناديد المذكورين بقوله: وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة، وابن أم مكتوم كان بالمدينة، ما حضر معهما ولا حضرا معه، وكان موتهما كافرين، أحدهما قبل الهجرة، والآخر ببدر، ولم يقصد قط أمية المدينة، ولا حضر عنده مفردا، ولا مع أحد
(2)
.
ثم علّق أبو حيان على ذلك بقوله: والغلط من القرطبي، كيف ينفي حضور ابن أم مكتوم معهما، وهو وهم منه، وكلهم من قريش، وكان ابن أم مكتوم منها، والسورة كلها مكية بالإجماع، وابن أم مكتوم كان أولا بمكة، ثم هاجر إلى المدينة، وكانوا جميعهم بمكة حين نزول هذه الآية، وابن أم مكتوم، هو عبد الله بن شريح بن مالك بن أبي ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي القرشي، وأم مكتوم أم أبيه عاتكة، وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها
(3)
.
.
(1)
تفسير القرطبي: 212/ 19، عرائب القرآن: 27/ 30، تفسير الرازي: 54/ 31
(2)
تفسير القرطبي، المكار السابق.
(3)
البحر المحيط: 427/ 8