الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثل فرعون وثمود، وكان كل الكفار سواء في التكذيب، فانتقم الله منهم؛ لأنهم جميعا في قبضة القدرة الإلهية:{وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ} . وهذا شيء مثبت في اللوح المحفوظ ممتنع التغيير؛ لقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} .
وسبب نزول هذه السورة التي تدور على قصة أصحاب الأخدود: ما رواه مسلم في صحيحة وأحمد والنسائي، وموجزها: أن أحد ملوك الكفار وهو ذو نواس اليهودي واسمه زرعة بن تبّان أسعد الحميري، بلغه أن بعض رعيته آمن بدين النصرانية
(1)
، فسار إليهم بجنود من حمير، فلما أخذوهم خيّروهم بين اليهودية والإحراق بالنار، فاختاروا القتل، فشقوا لهم الأخدود، وأضرموا فيه النار، ثم قالوا للمؤمنين: من رجع منكم عن دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في النار، فصبروا، فألقوهم في النار، فاحترقوا، والملك وأصحابه ينظرون.
قيل: قتل منهم عشرين ألفا، وقيل: اثني عشر ألفا، وقال الكلبي: كان أصحاب الأخدود سبعين ألفا.
والخلاصة: أن ذا نواس آخر ملوك حمير، وكان مشركا، قتل أصحاب الأخدود الذين كانوا نصارى، وكانوا قريبا من عشرين ألفا
(2)
.
تفصيل القصة-قصة الساحر والراهب والغلام:
المعتمد من قصص أصحاب الأخدود:
ما جاء في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«أنه كان لبعض الملوك ساحر، فلما كبر ضمّ إليه غلاما ليعلّمه السّحر، وكان في طريق الغلام راهب يتكلّم بالمواعظ لأجل الناس، فمال قلب الغلام إلى حديثه،
(1)
وقال الضحاك: هم قوم من النصارى كانوا باليمين قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة، أخذهم يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري، وكانوا نيفا وثمانين رجلا، وحفر لهم أخدودا وأحرقهم فيه.
(2)
تفسير ابن كثير: 549/ 4
فرأى في طريقه ذات يوم دابة أو حية قد حبست الناس، فأخذ حجرا فقال:
اللهم إن كان الراهب أحبّ إليك من الساحر، فاقتلها بهذا الحجر، فقتلها.
وكان ذلك الغلام بعدئذ يتعلّم من الراهب إلى أن صار بحيث يبرئ الأكمه والأبرص، ويشفي من الداء. وعمي جليس للملك فأبرأه، فأبصره الملك فسأله:
من ردّ عليك بصرك؟ فقال: ربي، فغضب، فعذّبه.
فدل على الغلام، فعذّب الغلام حتى دل على الراهب، فلم يرجع الراهب عن دينه، فقدّ بالمنشار، وأتى الغلام، فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته، فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا، فذهبوا به إلى قرقور: وهي سفينة صغيرة، فلججوا به ليغرقوه، فدعا، فانكفأت بهم السفينة، فغرقوا ونجا، وقال للملك:
لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد، وتصلبني على جذع، وتأخذ سهما من كنانتي وتقول: بسم الله ربّ الغلام، ثم ترميني به.
فرماه فوقع في صدغه، فوضع يده عليه ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، فقيل للملك: نزل بك ما كنت تحذر، فأمر بأخاديد في أفواه السّكك وأوقدت فيها النيران، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها، حتى جاءت امرأة معها صبي، فتقاعست أن تقع فيها، فقال الصبي: يا أمّاه، اصبري فإنك على الحق، وما هي إلا غميضة، فصبرت واقتحمت».