الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يقوله علانية، {وَما يَخْفى}: كل ما يسرّه بينه وبين نفسه، مما لا يعلمه إلا الله تعالى، فالذي وعدك بأنه سيقرؤك ويحفّظك عالم بالجهر والسرّ.
وهذا على الرأي بأن قوله: {إِلاّ ما شاءَ اللهُ} يعني النسخ: يعد تعليلا للنسخ، وإذا كان كذلك، كان وضع الحكم ورفعه واقعا بحسب مصالح المكلفين.
ونظير الآية كثير، مثل قوله تعالى:{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ، وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ} [الأنبياء 110/ 21].
ثم بشره ببشارة أخرى وهو تيسيره، أي توفيقه للأيسر في أحكام الدين والشريعة، فقال:
{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى} أي نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا، ونوفقك للطريقة اليسرى والشريعة السمحة في الدين والدنيا، فلا نشرع لك إلا الأيسر، ولا تختار لأمتك إلا الأسهل الذي لا يصعب على النفوس تحمله والقيام به.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
ينبغي للإنسان تعظيم الله وتمجيده وتنزيهه عن كل ما لا يليق به من صفات النقص في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه.
ويستحب للقارئ إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أن يقول: «سبحان ربي الأعلى» قاله النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة والتابعين.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة، وأكثر السلف كانوا يواظبون على قراءتها في التهجد، ويتعرفون بركتها.
والمقصود بالآية تنزيه الله وتسبيحه بذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه، حتى
ولو سلمنا أن كلمة {اِسْمَ} ليست صلة زائدة، فإن تسبيح اسمه، أي تنزيهه عما لا يليق، معناه بذاته تعالى وصفاته، أو بأفعاله، أو بأحكامه، فإن العقائد الباطلة والمذاهب الفاسدة لم تنشأ إلا من هذه الفكرة، وهي: هل الاسم نفس المسمى أم لا؟ 2 - وصف الله تعالى نفسه بصفات كمال ثلاث: هي أنه الذي خلق جميع الخلائق، وجعلها متناسبة الأجزاء، متناسقة التركيب، وجعل الإنسان في أحسن تقويم.
وقدر لكل مخلوق ما يصلح له، فهداه إليه وأرشده لسلوكه، وعرّفه وجه الانتفاع به.
وأنبت العشب وأخرج النبات والزرع، ثم صيّره باليا هشيما جافا أسود.
وهذه الأوصاف تدل على كمال القدرة الإلهية وتمام الحكمة والعلم.
3 -
بشر الله تعالى نبيه ببشارتين:
الأولى-أن يقرأ عليه جبريل الوحي بالقرآن، وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ، فيحفظه ولا ينساه، إلا ما شاء الله أن ينسى، ولكنه لم ينس شيئا منه بعد نزول هذه الآية.
والثانية-التوفيق لأعمال الخير، وتشريع الشريعة اليسرى، وهي الحنيفية السمحة السهلة.
4 -
إن الله تعالى يعلم تمام العلم كل ما يجهر به الإنسان وهو الإعلان من القول والعمل، وكل ما يخفيه، وهو السر، لذا شرع لعباده ما فيه الخير والمصلحة، ورفع عنهم كل ما فيه مشقة وعسر، وحماهم من كل ما فيه ضرر وشر ومفسدة.