الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَقُولُونَ: أَإِنّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ، أَإِذا كُنّا عِظاماً نَخِرَةً، قالُوا: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ} أي يقول مشركو قريش وأمثالهم المنكرون المعاد، المستبعدون وقوع البعث إذا قيل لهم: إنكم تبعثون، هل نردّ إلى حياتنا الأولى وابتداء أمرنا قبل الموت، فنصير أحياء بعد موتنا، وبعد المصير إلى الحافرة وهي القبور؟ وهو كقولهم:{أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} [الإسراء 98/ 17].
وكيف يتصور أن نرد إلى الحياة بعد تمزق أجسادنا وتفتت عظامنا، وصيرورتها عظاما بالية ناخرة؟ إن رددنا بعد الموت وصحّ أن بعثنا يوم القيامة لنخسرنّ أو تكون رجعة ذات خسران؛ لتكذيبنا بما أخبر به محمد، وسيصيبنا ما يقوله هذا النبي. وهذا القول صادر منهم على سبيل الاستهزاء والتهكم، لاعتقادهم ألا بعث.
ثم ردّ الله تعالى عليهم وأفحمهم قائلا:
{فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ، فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ} أي لا تستبعدوا ذلك، فإنما الأمر يسير، ولا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله، وما هي إلا صيحة واحدة، وهي النفخة الثانية التي يبعث الله بها الموتى من القبور، فإذا هم على وجه الأرض أحياء، وحينئذ يحاسب الخلائق. والساهرة على الصحيح هي أرض الآخرة، وهي أرض بيضاء مستوية، والمراد بها هنا: وجهها الأعلى، وسطحها الظاهر.
وإنما قيل لها ساهرة؛ لأنهم لا ينامون عليها حينئذ، وقيل: هي أرض بالشام.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
أقسم الله سبحانه بأنواع خمسة من الملائكة ذوي مهام متنوعة على أن القيامة حق. والقسم بها تعظيم لها وتنويه بها. ولله أن يقسم على ما يشاء في أي وقت يشاء،
ولإثبات أو نفي ما يشاء، كالتوحيد وأن القرآن حق والرسول حق والبعث حق.
والمقسم به من المخلوقات في القرآن الكريم أحد نوعين:
الأول-أن تكون المخلوقات معظمة عند بعض الناس، كالشمس والقمر.
الثاني-أن تكون المخلوقات مهملة مذهول عنها في أنظار الناس، كمواقع النجوم والرياح والملائكة.
2 -
في يوم القيامة الرهيب ترجف الأرض والجبال، وتتحرك وتضطرب، وتتبعها السماء، فتنشق وتنتثر، والأرض: هي الراجفة، والسماء: هي الرادفة، وقيل: الراجفة هي النفخة الأولى، والرادفة هي النفخة الثانية.
والظاهر المعنى الأول، قال مجاهد: الرادفة حين تنشق السماء، وتحمل الأرض والجبال فتدك دكة واحدة.
3 -
تكون قلوب الكفار الذين ماتوا على غير دين الإسلام خائفة وجلة، وأبصار أصحابها منكسرة ذليلة من هول ما ترى.
4 -
أثبت المشركون المكذبون منكرو البعث على أنفسهم إنكار المعاد والبعث بأقوال ثلاثة، فإذا قيل لهم: إنكم تبعثون، قالوا منكرين متعجبين: أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر، فنعود أحياء كما كنا قبل الموت؟ ولا نتصور أن نعود كما كنا بعد أن نصير عظاما نخرة، أي بالية متفتّتة.
وزادوا في الاستهزاء والتهكم، فقالوا: إننا إذا بعثنا فتلك رجعة خائبة، كاذبة باطلة.
5 -
ردّ الله تعالى عليهم وأفحمهم فقال: لا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله، فما هي إلا صيحة واحدة، فإذا هم بالساهرة أي على وجه الأرض أو سطحها، بعد أن كانوا في بطونها. قال الثوري: الساهرة: أرض الشام.