الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله، دعته خزنة الجنة: يا عبد الله هذا خير، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما على من يدعى منها ضرورة، فهل يدعى منها كلها أحد؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم» .
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
اقتضت حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن يبين لهم كل ما هو رشاد وهداية موصلة إلى جنته ورضاه، وقد تعهد الله عز وجل بذلك لبيان أحكام الحلال والحرام، والطاعة والمعصية.
2 -
لله تعالى ملك الدنيا والآخرة، وهو المتصرف فيهما، ومانح ثوابهما، يعطي ما يشاء لمن يشاء، فمن طلبهما من غير مالكهما ومن غير المتصرف فيهما، فقد أخطأ الطريق. ولا يضره عصيان العاصين، ولا ينفعه طاعة المطيعين، وإنما يعود ضره أو نفعه إليهم.
3 -
حذر الله تعالى بعد هذه البيانات الوافية من نار جهنم التي تتوهج وتتوقد، ولا يجد صلاها وهو حرها على الدوام إلا الشقي الكافر الذي كذّب نبي الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن الإيمان.
4 -
سيكون بعيدا من النار المتقي المعاصي، الخائف من عذاب الله، وصفة الأتقى أو المتقي: هو الذي يعطي ماله طالبا أن يكون عند الله زاكيا طاهرا متطهرا من الآثام والذنوب، لا يطلب بذلك رياء ولا سمعة، ولا مكافأة لأحد، بل يتصدق به مبتغيا به وجه الله تعالى، قاصدا ثوابه ورضاه، ولسوف يرضى عن الله، ويرضى الله عنه، فيكون راضيا مرضيا. وهو وعد كريم من رب رحيم.
والخلاصة: أن كلا من الأتقى والأشقى يشمل قسمين، فالأتقى: يشمل المؤمن البار الذي ابتعد عن الفواحش كلها، والمؤمن الذي يذنب أحيانا فيتوب ويندم، وثواب كل منهما الجنة.
والأشقى: يشمل الكافر الجاحد بالله وبرسله وبما أنزل عليه، والمسلم الذي آمن في قلبه بالله ورسله، ولكنه يصر على بعض المعاصي والسيئات ولا يتوب منها، وهذا دليل على نقص تصديقه، بدليل
قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجه:
«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» .
والأول مخلّد في النار، والثاني معذب فيها على وفق مشيئة الله، ثم يخرج إلى الجنة. وأما صفة الأتقى والأشقى فهو كلام وارد على سبيل المبالغة.
قال الزمخشري: الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين، وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل:
{الْأَشْقَى} وجعل مختصا بالصلي، كأن النار لم تخلق إلا له، وقيل:
{الْأَتْقَى} وجعل مختصا بالنجاة، كأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل: هما أبو جهل أو أمية بن خلف، وأبو بكر رضي الله عنه
(1)
.
أخرج الإمام أحمد وابن ماجه وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار إلا من شقي، قيل: ومن الشقي؟ قال:
الذي لا يعمل لله تعالى طاعة، ولا يترك لله تعالى معصية».
(1)
الكشاف: 344/ 3