الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{طَيْراً أَبابِيلَ} إما جمع لا واحد له من لفظه كأساطير، أو واحده «إبّيل» أو إبّول، كعجاجيل وحدها عجّول.
{كَعَصْفٍ} في موضع نصب، على أنه مفعول ثان ل {فَجَعَلَهُمْ} أي صيّرهم.
البلاغة:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ.} . الاستفهام للتقرير والتعجيب، أي أعجب.
{فَعَلَ رَبُّكَ} إشادة بقدرة الله تعالى، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله {رَبُّكَ} تشريف له.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} تشبيه مرسل مجمل، ذكرت الأداة، وحذف وجه الشبه.
{الْفِيلِ} ، {تَضْلِيلٍ} ، {أَبابِيلَ} ، {سِجِّيلٍ} ، {مَأْكُولٍ} توافق الفواصل في الحرف الأخير.
المفردات اللغوية:
{أَلَمْ تَرَ} أي تعلم، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو إن لم يشهد تلك الواقعة، لكنه شاهد آثارها، وسمع بالتواتر أخبارها، فكأنه رآها، فإنها من الإرهاصات؛ لأنها وقعت في السنة التي ولد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم. {بِأَصْحابِ الْفِيلِ} أصحاب الفيل العظيم الذي كان اسمه «محمود» . وهم أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي، وجيشه الذين أرادوا هدم الكعبة لصرف الحجاج العرب عن مكة إلى كنيسة بناها أبرهة بصنعاء، وسماها «القلّيس» . فحين توجهوا لهدم الكعبة، أرسل الله عليهم ما قصه في هذه السورة.
{أَلَمْ يَجْعَلْ} أي جعل. {كَيْدَهُمْ} مكرهم وتدبيرهم بتخريب الكعبة وتعطيلها. {فِي تَضْلِيلٍ} تضييع وإبطال وهلاك وخسارة. {طَيْراً} ما طار في الهواء، صغيرا أو كبيرا.
{أَبابِيلَ} جماعات متفرقة. {سِجِّيلٍ} طين متحجر. {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} كورق زرع يبقى بعد الحصاد، أكلته الدواب وداسته وأفنته، أو كتبن أكلته الدواب وراثته.
التفسير والبيان:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ} ألم تعلم علم اليقين، وكأنك شاهدت الواقعة، بما صنع ربّك العظيم القدير بأصحاب الفيل، حيث دمرهم الله، وحمى بيته الحرام، أفلا يجدر بقومك أن يؤمنوا بالله؟! وقد شاهد أناس
منهم الواقعة، حيث أقبل قوم من النصارى الأحباش الذين ملكوا اليمن، إلى الحجاز، يريدون تخريب الكعبة، فلما قربوا من مكة، وأرادوا دخولها، أرسل الله عليهم جماعات من الطيور محمّلة بحجارة، ألقوها عليهم، فأهلكتهم.
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} أي أفسد خطتهم ومؤامرتهم، والمعنى: ألم تر أن ربك جعل مكرهم وتدبيرهم وسعيهم في تخريب الكعبة، واستباحة أهلها، في تضليل عما قصدوا إليه، وفي ضياع وإبطال، حتى لم يصلوا إلى البيت، ولا إلى ما أرادوا بكيدهم، بل أهلكهم الله تعالى. والكيد: هو إرادة مضرة بالغير على الخفية.
وإذا علم قومك هذا الأمر، فليخافوا أن يعاقبهم الله بعقوبة مماثلة، ما داموا يصرون على الكفر بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه الكريم، ويصدون الناس عن سبيل الإيمان الحق بالله عز وجل.
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} أي وبعث الله عليهم جماعات متفرقة من الطيور السود، جاءت من قبل البحر فوجا فوجا، مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، لا يصيب شيئا إلا دمره وهشمه.
وهي حجارة صغيرة من طين متحجر، كالحمصة وفوق العدسة، فإذا أصاب أحدهم حجر منها، خرج به الجدري أو الحصبة، حتى هلكوا.
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} أي فجعلهم فضلات وبقايا مثل ورق الزرع أو الشجر إذا أكلته الدواب، ثم راثته، فأهلكهم جميعا.
أخرج البخاري أنه: «لما أطل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش، بركت ناقته، فزجروها، فألحت، فقالوا: خلأت