الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} أي إن الله تعالى على رجع الإنسان، أي إعادته بالبعث بعد الموت لقادر؛ لأن من قدر على البداءة قدر على الإعادة، وقد ذكر تعالى هذا الدليل في مواضع متعددة في القرآن الكريم.
وقيل: إنه تعالى على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. والراجح القول الأول بدليل قوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} .
ويرجعه يوم القيامة يوم تختبر وتعرف السرائر، أي ما يسرّ في القلوب من العقائد والنيات وغيرها. وحقيقة البلاء في حقه تعالى ترجع إلى الكشف والإظهار، كقوله:{وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ} [محمد 31/ 47].
وكيفية دلالة المبدأ على المعاد: أن حدوث الإنسان إنما كان بسبب اجتماع أجزاء كانت متفرقة في بدن الوالدين، فلما قدر الصانع على جمع تلك الأجزاء المتفرقة حتى خلق منها إنسانا سويا، فإنه بعد موته وتفرق أجزائه، لا بدّ وأن يقدر على جمع تلك الأجزاء، وجعلها خلقا سويا
(1)
.
{فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ} أي فما للإنسان حين بعثه من قوة في نفسه يمتنع بها عن عذاب الله، ولا ناصر ينصره، فينقذه مما نزل به، أي فلا قوة ذاتية له، ولا قوة من غيره، لينقذ نفسه من عذاب الله، فهذا نفي للقوة الذاتية والقوة العرضية الخارجية عن الإنسان.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات الكريمات على ما يأتي:
1 -
أقسم الله تعالى بالسماء وبالكواكب المنيرة المضيئة على أن لكل نفس حفظة يحفظون عليها رزقها وعملها وأجلها.
(1)
تفسير الرازي: 130/ 31
وقد أكثر سبحانه في كتابه الكريم الإقسام بالسموات؛ لأن أحوالها في مطالعها ومغاربها ومسيراتها عجيبة.
2 -
الدليل على إمكان البعث والمعاد هو بدء الخلق للإنسان. ووجه الاتصال أو التعلق بين هذا وبين ما قبله: أن الله تعالى حين ذكر أن على كل نفس حافظا، أتبعه بوصيته للإنسان بالنظر في أول أمره وسنته الأولى، حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه؛ فيعمل ليوم الإعادة والجزاء، ولا يملي على حافظه إلا ما يسرّه في عاقبة أمره.
3 -
خلق الله الإنسان ابن آدم من المني المدفوق، مني الرجل والمرأة المجتمعين، والذي يستقر في رحم المرأة، ولا شك أن الصب فعل الشخص، والفاعل الحقيقي هو الله، فيكون ذلك من الإسناد المجازي الظاهري.
وتكوّن المني من عملية مشتركة تشترك فيها جميع أجزاء الإنسان، وقد عبّر تعالى عن الكل بالأكثر الذي يحسّ به الشخص عادة وهو خروج الماء من بين الصلب أي الظهر، والترائب أي الصدر، جمع تريبة: وهي موضع القلادة من الصدر. والصلب من الرجل، والترائب من المرأة.
4 -
إذا كان الخالق الحقيقي للإنسان أولا هو الله تعالى، فإن الله جلّ ثناؤه قادر على إعادته وبعثه مرة أخرى بعد الموت، في يوم القيامة، وفي اليوم الذي تنكشف فيه السرائر وتبدو وتظهر، ويصبح السرّ علانية، والمكنون مشهورا.
والسرائر: كل ما أسرّ في القلوب من العقائد والنيات، وما أخفي من الأعمال الحسنة أو القبيحة. واختبار هذه السرائر معناه الكشف والإظهار وترجيح الاتجاه الراجح من الأفعال وتمييز المرجوح، فتنجلي الحقائق، ويعرف الصحيح من الفاسد، والحق من الباطل.
5 -
نفى الله سبحانه وجود القوة الذاتية والقوة العرضية الخارجية عن