الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهوال القيامة. وقال ابن عباس: كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا يوما واحدا.
وقيل: لم يلبثوا في قبورهم إلا عشية أو ضحاها، وذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في القبور لما عاينوا من الهول.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
ليس هناك تصوير أوقع لحال تفاعل النفس وانفعالها بمشهد خطير، مثل هذا التصوير لعلاقة النفس الإنسانية بقيام القيامة.
فإنه إذا وقعت الواقعة، وأتت الداهية العظمى، وهي النفخة الثانية التي يكون معها البعث، كما قال ابن عباس، تذكّر الإنسان ما عمل من خير أو شر، وشاهد الجحيم النار المحرقة التي تبرز عيانا لكل إنسان مؤمن أو كافر. قال ابن عباس:«يكشف عنها، فتراها تتلظى كل ذي بصر» يراها الكافر بما فيها من أصناف العذاب، ويراها المؤمن ليعرف قدر النعمة التي أنعم الله بها عليه، ويشاهد الكافر الذي يصلى النار.
2 -
الناس يوم القيامة والبعث فريقان: السعداء والأشقياء. فأما من عتا وتمرد، وتكبر وتجاوز الحد في الكفر والعصيان، وقدّم الحياة الدنيا على الآخرة، فمأواه ومستقرّه النار.
وأما من حذر مقامه بين يدي ربه، وزجر نفسه عن المعاصي والمحارم، فمثواه ومستقره الجنة. قال سهل: ترك الهوى مفتاح الجنة؛ لقوله عز وجل:
{وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} .
3 -
أدّى تساؤل المشركين عن وقت قيام الساعة استهزاء إلى كثرة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، حرصا على جوابهم. ولكن الله جلّت حكمته اختص بعلم
الساعة، ولم يطلع أحدا عليها؛ لأن الإنذار والتخويف إنما يتمان إذا لم يكن العلم بوقت قيام القيامة حاصلا، فلا حاجة إلى الاستفهام عن وقتها بعد العلم باقترابها، فإن هذا القدر من العلم يكفي في وجوب الاستعداد لها، بل لا يتم الغرض من التكليف إلا بإخفاء وقتها كالموت.
4 -
حجب الله نبيه عن السؤال عن الساعة، وأعلمه بأن علمها إلى الله وحده، ووجّهه للعناية والقيام بمهمته الأصلية: وهي الإنذار والتخويف لمن يخشى مقام الله؛ لأنهم المنتفعون به، وإن كان منذرا لكل مكلف، وهو كقوله تعالى:{إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} [يس 11/ 36].
5 -
كل ما هو في حكم الواقع واقع حتما، فكأن الكفار والمشركين الذين يتساءلون عن القيامة استهزاء وتهكما واقعون فيها، قائمون في ساحاتها، وهم حين يرونها وما فيها من أهوال تشيب لها الولدان، يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا، ويقدّرون أنها قدر عشية من ليل أو ضحى من نهار يتبع تلك العشية، والمراد تقليل مدة الدنيا، كما قال تعالى:{لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ} [الأحقاف 35/ 46].