الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} أي وتفضل عليهم بالأمن والاستقرار، فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا، قال ابن كثير: ولهذا من استجاب لهذا الأمر، جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة.
ومن عصاه سلبهما منه، كما قال تعالى:{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً، يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ، فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ. وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ، فَكَذَّبُوهُ، فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ} [النحل 112/ 16 - 113]
(1)
.
وكانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها بعضا، فأمنت قريش كما تقدم من ذلك لمكان الحرم، كما آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل؛ قال الله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً، وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} ؟ [العنكبوت 67/ 29].
فقه الحياة أو الأحكام:
أمر الله تعالى في هذه السورة قريشا وهم أولاد النضر بن كنانة بعبادة وتوحيد ربهم الذي أنعم عليهم بهذه النعم الكثيرة ومنها:
1 -
إهلاك أصحاب الفيل وصدهم عن مكة، كما أهلكوا أيضا لأجل كفرهم، وفي هذا دفع لضرر عظيم مؤكد الحصول لولا عناية الله وحمايته، وتوفير أيضا للأمن والسلامة والاطمئنان بجوار البيت الحرام.
2 -
نعمة الرزق وتوفير الحاجة والكفاية بسبب ارتحالهم إلى اليمن شتاء وإلى الشام صيفا لجلب مختلف أنواع التجارات من الأطعمة والثياب، مع أمنهم من إغارة العرب عليهم؛ لأنهم أهل بيت الله وجبرانه.
(1)
تفسير ابن كثير: 553/ 4
3 -
نعمة الأمن من المخاوف، سواء في داخل مكة حيث جعل الله لهم مكة بلدا آمنا، ويتخطف الناس من حولهم، أو في خارجها عند ما يتنقلون للتجارة والكسب.
والكسب.
4 -
نعمة وجود البيت الحرام أو الكعبة المشرفة محل التعظيم والتقديس من العرب، وأساس مجدهم وعزهم، فإنهم شرّفوا بالبيت على سائر العرب، فذكّرهم الله بهذه النعمة.
والخلاصة: إن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الظاهرة وهي إيلافهم رحلتين.
روى ابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد بن السكن أم سلمة الأنصارية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ويل لكم قريش: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ}» .
وروى عنها أيضا: قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
واستدل الإمام مالك بالسورة على أن الزمان قسمان: شتاء وصيف، ولم يجعل لهما ثالثا، فالشتاء نصف السنة، والصيف نصفها.
واستدل العلماء بهذا أيضا على جواز تصرف الرجل في الزمانين بين محلّين، يكون حالهما في كل زمان أنعم من الآخر، كالجلوس في المجلس البحري في الصيف، وفي القبلي في الشتاء، وفي اتخاذ أدوات التبريد صيفا، ووسائل الدفء شتاء.
شتاء.