الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالحنطة والشعير والذرة. {وَنَباتاً} ما تقتات به الدواب من التبن والحشيش. {وَجَنّاتٍ} بساتين وحدائق، جمع جنة. {أَلْفافاً} ملتفة الأشجار والأغصان، يلتف بعضها ببعض.
سبب النزول:
نزول الآية (1):
{عَمَّ يَتَساءَلُونَ} : أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون بينهم، فنزلت:{عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} .
التفسير والبيان:
ينكر الله تعالى على المشركين تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارا لوقوعها، فيقول:{عَمَّ يَتَساءَلُونَ، عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} أي عن أي شيء يتساءل المشركون من أهل مكة وغيرهم فيما بينهم؟ ثم أجاب الله تعالى عن هذا السؤال بقوله: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} أي عن الخبر المهم الهائل، العظيم الشأن الذي اختلفوا في أمره، بين مكذّب ومصدّق، وكافر ومؤمن به، ومنكر ومقرّ، وشاكّ ومثبت، وهو يوم البعث بعد الموت، كما حكى الله عنهم بقوله:
{إِنْ هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا، نَمُوتُ وَنَحْيا، وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون 37/ 23] وقوله: {ما نَدْرِي مَا السّاعَةُ، إِنْ نَظُنُّ إِلاّ ظَنًّا، وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية 32/ 45].
وقال مجاهد في تفسير النبأ العظيم: هو القرآن، قال ابن كثير: والأظهر الأول أي أنه البعث بعد الموت؛ لقوله تعالى: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} وقال الرازي: إنه يوم القيامة، وهو الأقرب.
والمراد من الاستفهام تفخيم الأمر وتعظيمه وتعجيب السامعين من أمر
المشركين. وإيراد الكلام في صورة السؤال والجواب، أقرب-كما قال الرازي- إلى التفهيم والإيضاح، وتثبيت الجواب في نفوس الناس السائلين، كما في قوله تعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ} [غافر 16/ 40].
ثم رد الله تعالى عليهم متوعدا إنكارهم القيامة بقوله:
{كَلاّ سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} أي لا ينبغي لهم أن يختلفوا في شأن البعث، فهو حق لا ريب فيه، وسيعلم الذين يكفرون به عاقبة تكذيبهم.
وكلمة {كَلاّ} ردع لهم وزجر، ثم كرر الردع والزجر بالجملة الثانية، أي فليزدجروا عما هم فيه من الكفر والتكذيب، فإنهم سيعلمون قريبا حقيقة الأمر إذا حل بهم العذاب.
وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، قال أهل المعاني: تكرير الردع مع الوعيد دليل على غاية التهديد. وفي {ثُمَّ} إشارة إلى أن الوعيد الثاني أبلغ من الأول.
ثم أورد الله تعالى بعض مظاهر قدرته العظيمة على خلق الأشياء العجيبة الدالة على قدرته على أمر المعاد وغيره. فقال معددا تسعة أشياء تثبت صحة البعث والحشر الذي أنكروه، وتدل على قدرته على جميع الممكنات وعلمه بجميع المعلومات:
1 -
2: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، وَالْجِبالَ أَوْتاداً} أي كيف تنكرون البعث، وقد عاينتم أدلة قدرة الله التامة، من جعل الأرض ممهدة مذللة للخلائق، كالمهد للصبي: وهو ما يمهد له من الفراش، فينوّم عليه، وجعل الجبال الراسيات كالأوتاد للأرض، لتسكن ولا تتحرك، وتهدأ ولا تضطرب بأهلها، كما قال تعالى:{وَالْجِبالَ أَرْساها} [النازعات 32/ 79].
3 -
{وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً} أي وأوجدناكم أصنافا: ذكورا وإناثا، للإنس
والتعاون والحفاظ على النوع البشري، كما قال تعالى:{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم 21/ 30].
4 -
5 - {وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً} أي وجعلنا نومكم راحة لأبدانكم وقطعا للحركة ولأعمالكم المتعبة في النهار، فبالنوم تتجدد القوى، وينشط العقل والجسم، والسبات: أن ينقطع عن الحركة، والروح في بدنه.
وجعلنا الليل سكنا وكاللباس الذي يغطي بظلامه الأشياء والأجسام، فكما أن اللباس يغطي الجسد ويقيه من الحر والبرد، ويستر العورات، كذلك الليل يستتر فيه من أراد الاختفاء لقضاء مصالح وتحقيق فوائد لا تتيسر في النهار، كالاستتار من العدو وقضاء بعض الحوائج.
6 -
{وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً} أي وجعلنا وقت النهار مشرقا مضيئا ليتمكن الناس من تحصيل أسباب المعايش والتكسب والتجارة والزراعة والصناعة ونحو ذلك من موارد الرزق.
7 -
8 - {وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً، وَجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً} أي وبنينا فوقكم سبع سموات قوية الخلق، محكمة البناء، متقنة الصنع، مزينة بالكواكب الثوابت والسيارات، وجعلنا الشمس سراجا منيرا على جميع العالم، يستضاء به، ويستنار بنوره، ويشع بحرارته، فإن الوهج يجمع النور والحرارة، وبهما تستفيد جميع الكائنات الحية.
9 -
{وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً، وَجَنّاتٍ أَلْفافاً} أي وأنزلنا من السحب والغيوم التي تنعصر بالماء ولم تمطر بعد مطرا منصبا بكثرة، كثير السيلان، لنخرج بذلك الماء الكثير الطيب النافع حبا يقتات به الناس، كالحبوب المختلفة من قمح وشعير وذرة وأرز، ونباتا تأكله