الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج أبو داود، وابن ماجه بإسناد صحيح من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نذر نذرا لم يطقه؛ فكفارته كفارة يمين ".
وهكذا أمر صلى الله عليه وسلم المرأة التي نذرت أن تمشي - وهي لا تطيق - بأن تكفر؛ كما أخرجه أحمد، وأبو داود.
(
[يجب الوفاء بالنذر المباح] :)
أقول: النذر بالمباح يصدق عليه مسمى النذر، فيدخل تحت العمومات المتضمنة للأمر بالوفاء به.
ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود (1) : أن المرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت إذا انصرفت من غزوتك سالما أن أضرب على رأسك بالدف، فقال لها:" أوفي بنذرك ".
وضرب الدف إذا لم يكن مباحا فهو إما مكروه، أو أشد من المكروه؛ ولا يكون قربة أبدا، فإن كان مباحا؛ فهو دليل على وجوب الوفاء بالمباح، وإن كان مكروها؛ فالإذن بالوفاء به يدل على الوفاء بالمباح بالأولى (2) .
(1) • في " سننه "(2 / 81) ، ومن طريقه البيهقي (10 / 77) بإسناد حسن؛ عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وله شاهد من حديث بريدة؛ رواه الترمذي (4 / 316) - وصححه -، والبيهقي، وأحمد (5 / 353) ؛ وإسناده صحيح.
ورواه ابن أبي شيبة أيضا، وابن حبان في " صحيحيه "(رقم 1193) ؛ وانظر " نصب الراية "(3 / 300 - 301) . (ن)
(2)
• قلت: كلا؛ لأن الأصل في الضرب بالدف أنه لا يجوز؛ لأنه من آلات الملاهي؛ وهي محرمة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها أن تفي بنذرها؛ لأنه اقترن بإظهار الفرح بقدومه صلى الله عليه وسلم سالما، فصار فعله =
وكذلك إيجاب الكفارة على من نذر نذرا لم يسمه يدل على وجوب الكفارة بالأولى في المباح.
فالحاصل: أن النذر بالمباح لا يخرج عن أحد القسمين: إما وجوب الوفاء به؛ أو وجوب الكفارة مع عدم الوفاء.
ولا ينافي ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الإذن لمن نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة؛ بأن تختمر وتركب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرها مع ذلك بصيام ثلاثة أيام.
وفي رواية: أنه أمرها بأن تهدي بدنة.
ومثل ذلك حديث الشيخ الذي نذر أن يمشي، فقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه "؛ فإنه لا يعارض ما قدمنا - لوجهين -:
الأول: أن عدم التصريح بوجوب الكفارة عليه لا ينافي الأحاديث المصرحة بوجوبها.
والثاني: أنه رآه يضعف عن ذلك؛ كما في الرواية: أنه رآه يهادى بين ابنيه، ولهذا قال:" إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ".
= كبعض القرب؛ كضرب الدف في النكاح؛ أفاده الخطابي في " معالم السنن ".
فليس في الحديث دلالة واضحة على الوفاء بالمباح؛ فالأولى الاستدلال بما ثبت في الشرع أن النذر يمين، كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله لأخت عقبة لما نذرت المشي إلى البيت فعجزت:" تكفر عن يمينها ".
ومعلوم أن من حلف على مباح أن يفعله؛ وجب عليه أن يبر في يمينه أو الكفارة، فكذلك في نذر المباح؛ عليه الوفاء أو الكفارة، ولا فرق، وراجع لهذا كلام ابن القيم في " تهذيب السنن "(4 / 373 - 376) . (ن)