الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبد للحر أشد منها بقذف الحر للحر، وليس في حد القذف ما يدل على تنصيفه للعبد؛ لا من الكتاب ولا من السنة.
ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله - تعالى - في حد الزنا: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} ، ولا يخفى أن ذلك في حد آخر غير حد القذف، فإلحاق أحد الحدين بالآخر فيه إشكال؛ لا سيما مع اختلاف العلة، وبكون أحدهما حقا لله محضا، والآخر مشوبا بحق آدمي.
قال في " المسوى ":
" من رمى إنسانا بالزنا؛ فإن كان المقذوف محصنا؛ يجب على القاذف جلد ثمانين إن كان حرا، فإن كان عبدا فجلد أربعين، فإن كان المقذوف غير محصن؛ فعلى قاذفه التعزير.
وكذا لا حد في النسبة إلى غير الزنا؛ إنما فيه التعزير ".
(
[شرائط الإحصان] :)
وشرائط الإحصان خمسة: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والعفة من الزنا.
حتى إن من زنى في أول بلوغه، ثم تاب وحسنت حالته، وامتد عمره، فقذفه قاذف؛ لا حد عليه.
وعلى هذا أهل العلم.
وإذا عفا المقذوف؛ لم يجلد قاذفه، وإذا قذف أبوا رجل وقد هلكا؛
فله المطالبة بالحد.
وفي " الأنوار ":
" حد القاذف وتعزيره حق الآدمي، يورث عنه، ويسقط بعفوه وعفو وارثه؛ إن مات أو قذفه ميتا، وهو حق جميع الورثة ".
وفي " الهداية ":
" لا يصح عفو المقذوف عندنا، وفيها لو قال: يا ابن الزانية! وأمه ميتة محصنة، فطالب الابن بحد القذف؛ حد القاذف؛ لأنه قذف محصنة، ولا يطالب بحد القذف للميت إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه، وهو الوالد والولد.
ومذهب الشافعية والحنفية: أن الوالد لا يجلد بقذف ولده.
وإذا قذف جماعة؛ جلد حدا واحدا، وعليه أبو حنيفة.
وقال الشافعي: إذا اختلف المقذوف فلا تداخل، والتعريض الظاهر ملحق بالصريح، وعليه مالك.
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يلحق به ولا يحد إلا بالصريح ".
أقول: التحقيق: أن المراد من رمي المحصنات المذكور في كتاب الله عز وجل: هو أن يأتي القاذف بلفظ يدل - لغة، أو شرعا، أو عرفا - على الرمي بالزنا، ويظهر من قرائن الأحوال أن المتكلم لم يرد إلا ذلك، ولم يأت بتأويل