الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(17 -
[كل ما كان مستخبثا] :)
(و) من ذلك (ما كان مستخبثا) لقوله - تعالى -: {ويحرم عليهم الخبائث (1) } .
فما استخبثه الناس من الحيوانات - لا لعلة ولا لعدم اعتياد؛ بل لمجرد الاستخباث - فهو حرام.
وإن استخبثه البعض دون البعض كان الاعتبار بالأكثر؛ كحشرات الأرض، وكثير من الحيوانات التي ترك الناس أكلها، ولم ينهض على تحريمها دليل يخصها، فإن تركها لا يكون في الغالب إلا لكونها مستخبثة، فتندرج تحت قوله:{ويحرم عليهم الخبائث} .
وقد أخرج أبو داود، عن ملقام بن تلب [، عن أبيه](2)، قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما.
وقد قال البيهقي: إن إسناده غير قوي، وقال النسائي: ينبغي أن يكون
(1) • الظاهر أن المراد بالخبائث ما حرمه الشارع؛ وهذا معنى ما نقله ابن كثير عن بعض العلماء، فكل ما أحل الله من المأكل؛ فهو طيب نافع في البدن والدين، وكل ما حرمه؛ فهو خبيث ضار في البدن والدين.
وإلا؛ فالرجوع إلى استخباث الناس مشكل؛ فإنه ما يدرينا أنهم لم يختلفوا؟ ثم إذا اختلفوا؛ فما يدرينا بالأكثرية؟ ثم هي إذا ثبتت؛ فقد تكون نسبية؛ أعني: بالنسبة لبعض البلاد دون بعض، ثم إذا سلمنا كونها غير نسبية؛ فأين الدليل الشرعي على أنها دليل شرعي؟ ! (ن)
(2)
• زيادة لا بد منها. (ن)
ملقام بن تلب ليس بالمشهور (1) .
وهذا الحديث ليس فيه ما يخالف الآية، وغايته عدم سماعه لشيء من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يدل على العدم.
وقد أخرج ابن عدي، والبيهقي، من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الرخمة (2) ؛ وفي إسناده خارجة بن مصعب، وهو ضعيف جدا، فلا ينتهض للاحتجاج به.
وأخرج أحمد، وأبو داود، من حديث عيسى بن نميلة الفزاري، عن أبيه، قال: كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ؟ فتلا هذه الآية: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} الآية، فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " خبيثة من الخبائث "، فقال ابن عمر: إن كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال.
وعيسى بن نميلة ضعيف (3) ، فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من
(1) وقال ابن حزم: " مجهول "، وقال ابن حجر في " الإصابة ":" ذكره البخاري وغيره في التابعين ".
وأبوه صحابي لم يرو عنه غيره.
وحديثه رواه أيضا ابن سعد (ج 7: قسم 1: ص 28) ، وذكره ابن الأثير في " أسد الغابة "(ج 1 ص 212) ، وفيهما أنه رواه عن أبيه.
وملقام؛ بكسر الميم، ويقال: بالهاء. (ش)
(2)
هي طائر أبقع على شكل النسر خلقة؛ إلا أنه مبقع بسواد وبياض؛ قاله في " اللسان ". (ش)
(3)
لم أجد أحدا ضعف عيسى بن نميلة؛ بل وثقه ابن حبان.
وأبوه؛ قال الذهبي: " لا يعرف ". (ش)