الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" ما أراكم تنتهون يا معشر قريش {حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا "، وأبى أن يردهم، وقال:" هم عتقاء الله عز وجل "(1) .
وأخرج أحمد عن أبي سعد الأعسم، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبد؛ إذا جاء فأسلم، ثم جاء مولاه فأسلم: أنه حر، وإذا جاء المولى، ثم جاء العبد بعد ما أسلم مولاه: فهو أحق به، وهو مرسل (2) .
(
[حكم الأرض المغنومة مفوض إلى الإمام يفعل فيها ما فيه المصلحة] :)
(والأرض المغنومة أمرها إلى الإمام، فيفعل الأصلح من قسمتها، أو تركها مشتركة بين الغانمين، أو بين جميع المسلمين) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم أرض قريظة والنضير بين الغانمين، وقسم نصف أرض خيبر بين المسلمين، وجعل النصف الآخر لمن ينزل به من الوفود، والأمور، ونوائب الناس.
كما أخرجه أحمد، وأبو داود من حديث بشير بن يسار، عن رجال من الصحابة.
وأخرج نحوه - أيضا - أبو داود من حديث سهل بن أبي حثمة.
وقد ترك الصحابة ما غنموه من الأراضي مشتركة بين جميع المسلمين}
(1) • " سنن أبي داود "(1 / 423) ، وكذا البيهقي؛ عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، وأحمد (رقم 1335) ؛ عن شريك - كلاهما -، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي.
وهذا سند صحيح إن شاء الله. (ن)
(2)
لم أره في " المسند "{وليس هو من مظانه} ! وهو في " مصنف ابن أبي شيبة "(10 / 164) و " سنن سعيد بن منصور "(2 / 313) بسند ضعيف مرسل.
يقسمون خراجها بينهم.
وقد ذهب إلى ما ذكرناه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وعمل عليه الخلفاء الراشدون.
وأخرج مسلم، وغيره من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" أيما قرية أتيتموها، فأقمتم فيها، فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله؛ فإن خمسها لله ورسوله، ثم هي لكم ".
أقول: قسمة الأموال المجتمعة للمسلمين - من خراج، ومعاملة، وجزية، وصلح، وغير ذلك - ينبغي تفويض قسمتها إلى الإمام العادل الذي يمحض النصح لرعيته، ويبذل جهده في مصالحهم، فيقسم بينهم ما يقوم بكفايتهم، ويدخر لحوادثهم ما يقوم بدفعها، ولا يلزمه في ذلك سلوك طريق معينة سلكها السلف الصالح؛ فإن الأحوال تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة.
فإن رأى الصلاح في تقسيم ما حصل في بيت المال في كل عام؛ فعل، وإن رأى الصلاح في تقسيمه في الشهر، أو الأسبوع، أو اليوم؛ فعل.
ثم إذا فاض من بيت مال المسلمين على ما يقوم بكفايتهم، وما يدخر لدفع ما ينوبهم؛ جعل ذلك في مناجزة الكفرة، وفتح ديارهم، وتكثير جهات المسلمين، وفي تكثير الجيوش والخيل والسلاح؛ فإن تقوية جيوش المسلمين هي الأصل الأصيل في دفع المفاسد، وجلب المصالح.
ومن أعظم موجبات تكثير بيت المال، وتوسيع دائرته العدل في الرعية، وعدم الجور عليهم، والقبول من محسنهم، والتجاوز عن مسيئهم.
وهذا معلوم بالاستقراء في جميع دول الإسلام والكفر، فما عدل ملك في رعيته؛ إلا ونال بعدله أضعاف أضعاف ما يناله الجائر بجوره، مع ما في العدل من السلامة من انتقام الرب عز وجل في هذه الدار، أو في دار الآخرة؛ فإنها جرت عادة الله - سبحانه - بمحق نظام الظلم، وخراب بنيانه، وهدم أساسه حتى صارت دول الظلمة من أعظم العبر للمعتبرين؛ فإنه لا بد أن يحل بهم من نكال الله وسخطه ما يعرفه من له فطنة واعتبار وتفكر، ومن نظر في تواريخ الدول؛ رأى من هذا ما يقضي منه العجب.
فالحاصل: أن الظالم ممن خسر الدنيا والآخرة:
أما خسران الآخرة؛ فواضح معلوم من هذه الشريعة بالضرورة.
وأما خسران الدنيا؛ فهو وإن تم له منها نصيب نزر فهو على كدر وتخوف، ونغص وتحيل، ووحشة من رعيته، فلا يزال متوقعا لزوال ملكه في كل وقت بسبب ما قد فعله بهم، وهم مع ذلك على بغضه، وهو منطو على بغضهم، وينضم إلى ذلك كله تناقص الأمر، وخراب البلاد، وهلاك الرعية، وفقر أغنيائهم، ففي كل عام هو في نقص؛ مع ما جرت به عادة الله عز وجل من قصم الظلمة وهلاكهم في أيسر مدة.
فأقل الملوك مدة أشدهم بطشا وأكثرهم ظلما، وهذا هو الغالب، وما