الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا لا تقبل شهادة من جر إلى نفسه نفعا؛ كمن شهد لرجل بشراء دار وهو شفيعها، أو شهد للمفلس واحد من غرمائه بدين على رجل، أو شهد على رجل أنه قتل مورثه؛ فهذه كلها مواضع التهمة.
واتفقوا على قبول شهادة الأخ للأخ وسائر الأقارب.
واختلفوا في شهادة أحد الزوجين لصاحبه؛ فلم يجزها أبو حنيفة، وأجازها الشافعي.
أقول: الحق: أن القرابة - بمجردها - ليست بمانعة؛ سواء كانت قريبة أو بعيدة؛ إنما المانع التهمة، فإذا كان القريب ممن تأخذه حمية الجاهلية، ولا يردعه عن العصبية دين ولا حياء؛ فشهادته غير مقبولة.
وإن كان على العكس من ذلك؛ فشهادته مقبولة (1) .
والأصل في المنع من قبول شهادة المتهم حديث: " لا تقبل شهادة ذي الظنة والحنة "؛ والظنة: هي التهمة، ولم يرد ما يدل على منع شهادة القريب لأجل القرابة.
(6 -
[القاذف] :)
(والقاذف) : لقوله - تعالى -: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} ، بعد قوله:{والذين يرمون المحصنات} ، وقد وقع الخلاف في كتب التفسير والأصول في
(1) • وقد حقق هذا البحث ابن القيم في " إعلام الموقعين "(1 / 131 - 144) ، وصحح ما ذهب إليه الشارح، وقال:" إنه نص عليه أحمد "؛ فراجعه؛ فإنه نفيس. (ن)
حكم التوبة المذكورة في آخر الآية:
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن الذي يجلد الجلد ثم تاب وأصلح؛ تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك.
قلت: وعليه الشافعي.
وذهب أبو حنيفة إلى أن شهادة القاذف لا ترد بالقذف، فإذا حد فيه؛ ردت شهادته على التأبيد؛ وإن تاب.
وأصل المسألة: أن الاستثناء يعود إلى الفسق فقط في قول أهل العراق، وإلى الفسق وعدم قبول الشهادة جميعا في قول أهل الحجاز.
وقال الشافعي: هو قبل أن يحد شر منه حين يحد؛ لأن الحدود كفارات، فكيف تردونها في أحسن حاليه وتقبلونها في شر حاليه؟ {وإذا قبلتم توبة الكافر والقاتل عمدا؛ كيف لا تقبلون توبة القاذف؛ وهو أيسر ذنبا؟}
قيل: معنى قول أبي حنيفة؛ أن القاذف ما لم يحد يحتمل أن يكون صادقا وأن يكون معه شهود تشهد بالزنا، فإذا لم يأت بالشهداء وأقيم عليه الحد؛ صار مكذبا بحكم الشرع؛ لقوله - تعالى -:{فأولئك عند الله هم الكاذبون} (1) ، فوجب رد شهادته.
ثم رد شهادة المحدود في القذف تأبيدي عنده؛ لقوله - تعالى -: {ولا
(1) • الآية بتمامها: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} . (ن)