الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الجنة تحت ظلال السيوف "، كما في " الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي موسى، وابن أبي أوفى.
وثبت في " صحيح البخاري "، وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من اغبرت قدماه في سبيل الله؛ حرمه الله على النار ".
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها "، كما في " الصحيحين " من حديث سهل بن سعد.
وأخرج أهل " السنن "(1) - وصححه الترمذي - من حديث معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من قاتل في سبيل الله فواق (2) ناقة؛ وجبت له الجنة ".
فناهيك بعمل يوجب الله لصاحبه الجنة، ويحرمه على النار، ويكون مجرد الغدو إليه أو الرواح منه خيرا من الدنيا وما فيها.
(
[متى يكون الجهاد فرض عين؟ ومتى يكون فرض كفاية
؟] :)
(فرض كفاية) ؛ لما أخرجه أبو داود، عن ابن عباس قال: " {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} ، و {ما كان لأهل المدينة} إلى قوله:{يعملون} :
(1) • رواه أبو داود (1 / 399) ، والترمذي (3 / 15) ؛ من طريقين عن مالك بن يخامر، عن معاذ؛ فهو إسناد صحيح.
وله شاهد عن أبي هريرة؛ أخرجه الترمذي (3 / 14)، وقال:" حديث حسن ". (ن)
(2)
بفتح الفاء وضمها: وهو ما بين الحلبتين من الراحة. (ش)
نسختها الآية التي تليها: {وما كان المؤمنون} "، وقد حسنه ابن حجر (1) .
قال الطبري: يجوز أن يكون {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} خاصا، والمراد به من استنفره النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع، قال ابن حجر: والذي يظهر لي أنها مخصوصة وليست بمنسوخة، وقد وافق ابن عباس على دعوى النسخ عكرمة والحسن البصري؛ كما روى ذلك الطبري عنهما.
ومن الأدلة الدالة على أنه فرض كفاية: أنه كان صلى الله عليه وسلم يغزو تارة بنفسه، وتارة يرسل غيره ويكتفي ببعض المسلمين، وقد كانت سراياه وبعوثه متعاقبة، والمسلمون بعضهم في الغزو وبعضهم في أهله.
وإلى كونه فرض كفاية ذهب الجمهور.
وقال الماوردي: إنه كان فرض عين على المهاجرين دون غيرهم.
وقال السهيلي: كان عينا على الأنصار.
وقال ابن المسيب: إنه فرض عين.
وقال قوم: إنه كان فرض عين في زمن الصحابة.
أقول: الأدلة الواردة في فرضية الجهاد كتابا وسنة: أكثر من أن تكتب
(1) • وهو كما قال الحافظ رحمه الله؛ وإنما لم يصححه مع أن رجاله كلهم ثقات؛ لأن أحدهم - وهو علي بن الحسين بن واقد - في حفظه ضعف.
وقد أشار الحافظ إلى هذا في ترجمته من " التقريب "؛ فقال: " صدوق يهم "، والحديث في " السنن "(2 / 392) . (ن)
ههنا، ولكن لا يجب ذلك إلا على الكفاية، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، وقبل أن يقوم به البعض هو فرض عين على كل مكلف، وهكذا يجب على من استنفره الإمام أن ينفر، ويتعين ذلك عليه ولهذا توعد الله - سبحانه - من لم ينفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويدل على عدم وجوب الجهاد على الجميع قوله عز وجل: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} ، فتحمل هذه الآية على أنه قد قام بالجهاد من المسلمين من يكفي، وأن الإمام لم يستنفر غير من قد خرج للجهاد.
وبهذا تعرف أن الجمع بين هذه الآيات ممكن، فلا يصار إلى القول بالترجيح أو النسخ.
وأما غزو الكفار، ومناجزة أهل الكفر، وحملهم على الإسلام، أو تسليم الجزية، أو القتل؛ فهو معلوم من الضرورة الدينية؛ ولأجله بعث الله - تعالى - رسله وأنزل كتبه، وما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعثه الله - سبحانه إلى أن قبضه إليه جاعلا هذا الأمر من أعظم مقاصده ومن أهم شؤونه.
وأدلة الكتاب والسنة في هذا لا يتسع لها المقام، ولا لبعضها.
وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة؛ فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم على كل حال؛ مع ظهور القدرة عليهم، والتمكن من حربهم، وقصدهم إلى ديارهم (1) .
وأما غزو البغاة إلى ديارهم - فإن كان ضررهم يتعدى إلى أحد من أهل
(1) وهي شروط معتبرة قوية.