الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2 -
باب الصيد)
وكان الاصطياد ديدناً للعرب، وسيرة فاشية فيهم؛ حتى كان ذلك أحد المكاسب التي عليها معاشهم، فأباحه النبي صلى الله عليه وسلم.
(
[ما يجوز الاصطياد به] :)
(ما صيد بالسلاح الجارح والجوارح (1) كان حلالا إذا ذكر اسم الله عليه) ؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني في " الصحيحين "، قال: قلت يا رسول الله {إنا بأرض صيد أصيد بقوسي، وبكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم؛ فما يصلح لي؟ فقال:" ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلّم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل ".
(
[يشترط للصيد بالمعراض أن يخزق] :)
وفي " الصحيحين "، من حديث عدي بن حاتم، قال: قلت: يا رسول الله} إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن عليّ وأذكر اسم الله؟ قال: " إذا
(1) • هي الحيوانات التي يصطاد بهن؛ الكلاب الضواري، والفهود، والصقور، وأشباهها، وسميت جوارح؛ من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرا؛ أي: كسبهم خيرا؛ كذا في " تفسير ابن كثير "(2 / 15 - 16) . (ن)
أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله؛ فكل ما أمسك عليك "، قلت: وإن قتلن؟ ! قال: " وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس معها "، قال: قلت: فإني أرمي بالمعراض (1) الصيد فأصيد، قال: " إذا رميت بالمعراض فخزق (2) فكل، وإن أصابه بعرضه فلا تأكل ".
وفي رواية: " إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخْذ الكلب ذكاة ".
وفي لفظ من حديثه عند أحمد، وأبي داود: قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل ولم يأكل منه شيئا؛ فإنما أمسكه عليك ".
وفي " الصحيحين " من حديثه: " فكل مما أمسكن عليك؛ إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ".
وفي حديث ابن عباس عند أحمد (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل؛ فإنما أمسكه على نفسه، فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل؛ إنما أمسكه على صاحبه ".
(1) بوزن مفتاح: هو سهم لا ريش له. (ش)
(2)
قال النووي في " شرح مسلم ": " وأما خزق؛ فهو بالخاء المعجمة والزاي، ومعناه: نفذ ". (ش)
(3)
• في " المسند "(رقم 2049) ؛ وإسناده حسن - إن شاء الله -. (ن)
وقد أخرج أحمد (1)، وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو: أن أبا ثعلبة الخشني قال: يا رسول الله {إن لي كلابا مكلبة؛ فأفتني في صيدها؟ قال: " إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكت عليك "، فقال: يا رسول الله} ذكي وغير ذكي؟ ، قال:" ذكي وغير ذكي " قال: وإن أكل منه؟ ، قال:" وإن أكل منه " قال: يا رسول الله! أفتني في قوس، قال:" كل ما أمسك عليك قوسك "، قال: ذكي وغير ذكي؟ ، قال:" ذكي وغير ذكي " قال: فإن تغيب عني؟ قال: " وإن تغيب عنك ما لم يصل (2) - يعني: يتغير - أو تجد فيه أثر غير سهمك ".
وقد قال ابن حجر: إنه لا بأس بإسناده.
(1) • في " المسند "(رقم 6725) ، وأبو داود (2 / 11) ؛ من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر؛ وهذا سند حسن، وقال ابن كثير (2 / 17) :" جيد "، والحافظ في " الفتح " (/ 494 9) :" لا بأس بسنده "، وله شاهد من حديث أبي ثعلبة نفسه؛ أخرجه أبو داود (2 / 10) ، ومن طريقه البيهقي (9 / 237) ؛ عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عنه؛ قال الحافظ ابن كثير:" إسناد جيد ".
وأعله البيهقي بأنه مخالف لما في " الصحيحين " من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة، وليس فيه ذكر الأكل - يعني: وإن أكل الكلب؛ وهذا إعلال صحيح؛ لأن داود بن عمرو؛ في حفظه ضعف، فلا يحتج بما تفرد به وخالف.
لكن حديث عمرو بن شعيب ثابت كما سبق، وهو معارض لحديث عدي وابن عباس.
وقد جُمع بين الحديثين بحمل المنع على ما إذا أكل في حال صيده؛ لأنه أمسك لنفسه، والإباحة على ما إذا أكل منه بعد أن أمسكه لصاحبه.
وقد استحسن هذا الجمع ابن القيم في " تهذيب السنن "(4 / 140) ، وابن كثير في " التفسير ". (ن)
(2)
صل اللحم يصل - بفتح الياء وكسر الصاد؛ وأصل أيضا -: أنتن؛ مطبوخا كان أو نيئا (ش) .
وفيه نظر؛ لأن في إسناده (1) داود بن عمرو الأودي الدمشقي، وفيه مقال وخلاف.
وقد أخرج نحو هذا الحديث أبو داود، من حديث أبي ثعلبة نفسه، ولا ينتهض هذا لمعارضة ما في " الصحيحين " من النهي عن أكل ما أكل منه الكلب.
وأخرج أحمد (2) ، وأبو داود، من حديث عدي بن حاتم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما علّمت من كلب أو باز، ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه؛ فكل ما أمسك عليك ".
وقد أكل صلى الله عليه وسلم من حمار الوحش الذي صاده أبو قتادة طعنا برمحه، وهو في " الصحيح "، وقد تقدم في الحج.
وقد ذكر الله في كتابه العزيز تحليل ما صيد بالجوارح، فقال:{وما علمتم من الجوارح} الآية، وأباح الأكل، فقال:{فكلوا مما أمسكن عليكم} .
(1) • هذا وهم من المؤلف رحمه الله؛ فإن ابن حجر إنما قال هذا في حديث عبد الله بن عمرو، وليس في سنده داود بن عمرو الذي فيه المقال المذكور، وإنما هو في حديث أبي ثعلبة نفسه الذي أشار إليه الشارح - وسبق عليه الكلام آنفا -.
ولا داعي لادعاء التعارض بين الحديثين؛ ما أمكن التوفيق بينهما بما سبق. (ن)
(2)
• في " المسند "(4 / 257) ، وأبو داود (2 / 10) ، وعنه البيهقي (9 / 238) ؛ عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي.
وهذا سند ضعيف من أجل مجالد، وقد تفرد بذكر:" الباز " دون كل من روى الحديث عن الشعبي من الحفاظ، كما قال البيهقي؛ فهي زيادة منكرة. (ن)