الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3 -
[يحكم الحاكم بشهادة رجل ويمين المدعي] :)
(أو رجل ويمين المدعي) ؛ لحديث ابن عباس - عند مسلم وغيره -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد؛ وأخرج أحمد، وابن ماجه، والترمذي، والبيهقي، من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد؛ وهو من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.
قد روي من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق؛ أخرجه أحمد، والدارقطني.
وقد صحح حديث جابر أبو عوانة، وابن خزيمة.
وأخرجه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي من حديث أبي هريرة، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد، ورجال إسناده ثقات، وصححه أبو حاتم وأبو زرعة.
وأخرجه ابن ماجه، وأحمد من حديث سرق، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا الراوي له عن سرق؛ فإنه مجهول.
وقد ذكر ابن الجوزي في " التحقيق " عدد من روى هذا الحديث - يعني: حكمه صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين من الصحابة -؛ فزاد على عشرين صحابيا (1) .
وإليه ذهب الجمهور من الصحابة فمن بعدهم.
(1) • ذكره الحافظ في " التلخيص "(ص 410) ؛ وقال: " وأصح طرقه: حديث ابن عباس، ثم حديث أبي هريرة ". (ن)
ويروى عن زيد بن علي، والزهري، والنخعي، وابن شبرمة، والحنفية: أنه لا يجوز الحكم بشاهد ويمين.
وأحاديث هذا الباب ترد عليهم.
قلت: قال مالك في " الموطأ ": مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد؛ يحلف صاحب الحق مع شاهده، ويستحق حقه، فإن نكل أو أبى أن يحلف؛ أُحلف المطلوب؛ فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه.
قال مالك: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة، ولا يقع ذلك في شيء من الحدود، ولا في نكاح، ولا في طلاق، ولا في عتاقة، ولا في سرقة، ولا في فرية.
قال مالك: ومن الناس من يقول: لا يكون اليمين مع الشاهد الواحد، ويحتج بقول الله تبارك وتعالى:{فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} ؛ يقول: فإن لم يأت برجل وامرأتين فلا شيء له، ولا يحلف مع شاهده.
قال مالك: فمن الحجة على من قال ذلك القول؛ أن يقال له: أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل مالا؛ أليس يحلف المطلوب: ما ذلك الحق عليه؛ فإن حلف بطل ذلك عنه، وإن نكل عن اليمين حلف صاحب الحق: إن حقه لحق، وثبت حقه على صاحبه؟ فهذا ما لا اختلاف فيه عند أحد من الناس، ولا ببلد من البلدان، فبأي شيء أخذ هذا؟ وفي أي كتاب الله وجده؟ فإذا أقر
بهذا فليقر باليمين مع الشاهد، وإن لم يكن ذلك في كتاب الله، وإنه ليكفي ذلك ما مضى من السنة، ولكن المرء قد يحب أن يعرف وجه الصواب وموقع الحجة؛ ففي هذا يجيء بيان؛ إن شاء الله تعالى.
قال في " المسوى ":
" وعلى هذا أهل العلم؛ إلا مسألة القضاء بالشاهد الواحد مع يمين المدعي في الأموال خاصة:
قال الشافعي: يجوز ذلك.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز.
وقد قال - تعالى - في حد القذف: {فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} ، وقال في الطلاق:{وأشهدوا ذوي عدل منكم} ، وقال في الدَّين:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} .
وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب - وهو عامل على الكوفة -: أن اقض باليمين مع الشاهد.
وإن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار سئلا: هل يقضى باليمين مع الشاهد؟ فقالا: نعم.
والحاصل: أن شهود الزنا أربعة، وشهود سائر الحقوق اثنان، وشهود