الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بينهم بالشريعة المطهرة، ثم ينصب الحبائل لاقتناص أموالهم، ويأكلها بالباطل؛ ولا سيما أموال اليتامى والنساء.
اللهم {أصلح عبادك، وتداركهم من كل ما لا يرضيك ". انتهى.
فإن قلت: حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى اليمن قاضيا، فقال: يا رسول الله} بعثتني بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء؟ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدري، وقال:" اللهم اهده وثبت لسانه "، قال علي: فوالذي فلق الحبة؛ ما شككت في قضاء بين اثنين. أخرجه أهل " السنن "، وغيرهم (1) ؛ هل يدل على جواز قضاء من ليس بمجتهد؛ لقوله: أنا شاب ولا أدري ما القضاء؟ !
قلت: من تمسك بهذا؛ فليأتنا برجل يدعو للقاضي الذي لا علم له بالقضاء بمثل هذه الدعوة النبوية؛ حتى لا يشك بعدها كما لم يشك علي - كرم الله وجهه - بعد تلك الدعوة، فإذا فعل هذا فنحن لا نخالفه.
والكلام على هذه المسألة يحتمل البسط، وقد قضينا عنها الوطر في كتابنا:" ظفر اللاضي (2) بما يجب في القضاء على القاضي "؛ فليراجع، فإن فيه ما يشفي العليل، ويهدي إلى سواء السبيل.
(
[ما هي صفات القاضي
؟] :)
(متورعا عن أموال الناس، عادلا في القضية، حاكما بالسوية) ؛ لكون من
(1) له طرق في " المسند "(636، 666، 1445) ؛ هو بها ثابت.
(2)
• من لضى؛ إذا حذق بالدلالة. " لسان ". (ن)
لم يتورع عن أموال الناس لا يتورع عن الرشوة، وهي تحول بينه وبين الحق؛ كما سيأتي.
وهكذا من لم يكن عادلا - لجرأة فيه أو مداهنة أو محاباة - فهو يترك الحق وهو يعلم به، فهو أحد قضاة النار؛ لأنه عرف الحق وجار في الحكم.
قال في " الحجة البالغة ":
" أقول: لا يستوجب القضاء إلا من كان عدلا بريئا من الجور والميل، وقد عرف منه ذلك، وعالما يعرف الحق؛ لا سيما في مسائل القضاء.
والسر في ذلك واضح، فإنه لا يتصور وجود المصلحة المقصودة إلا بها ".
أقول: وأما توليه القضاء من جهة الظلمة؛ فالسلطان الذي أوجب الله طاعته في كتابه العزيز، وتواترت الأحاديث الصحيحة بذلك؛ هو من كان مسلما لم يفعل ما يوجب كفرا بواحا (1) ، وكان مقيما لأعظم أركان الإسلام وأجل شعائره؛ وهو الصلاة؛ فهذا هو السلطان الذي تجب على الناس طاعته، وامتثال أوامره، ويحرم عليهم أن ينزعوا أيديهم من طاعته، ولكن بشرط أن لا يكون ما يأمر به معصية؛ لما ثبت أن:" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، وأن " الطاعة في المعروف "، فإذا أمر بما هو من الطاعة وجب الامتثال، وأمره للعالم بأن يكون قاضيا هو أمر بطاعة يجب امتثاله بنص الكتاب والسنة.
(1) بفتح الباء والواو؛ أي: جهارا؛ من باح بالشيء: إذا أعلنه.